ذلك قوله [من المتقارب] :
١٧٠ ـ ويأوى إلى نسوة عطّل |
|
وشعثا مراضيع مثل السّعالى (١) |
فأتبع عطّلا ، وقطع شعثا ؛ لأنّ الشّعث يكون عن العطل ؛ فهو فى معناه.
وما عدا ما ذكر ممّا تكرّرت فيه النعوت ، لا يجوز فيه إلا الإتباع (٢).
__________________
(١) البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي ، ونسب لأبي أمية تارة وللهذلي أخرى.
(ويأوى ... الخ) فاعل يأوى ، ضمير الصياد ؛ أي : يأتي مأواه ومنزله إلى نسوة.
وعطل : جمع عاطل قال في الصحاح : «والعطل بالتحريك : مصدر عطلت المرأة : إذا خلا جيدها من القلائد ، فهي عطل بالضم وعاطل ومعطال. وقد يستعمل العطل في الخلو من الشيء ، وإن كان أصله في الحلى ، يقال عطل الرجل من المال والأدب فهو عطل ، بضمة وبضمتين». وهذا هو المراد هنا ، لأن المعنى : أن هذا الصياد يغيب عن نسائه للصيد ، ثم يأتي إليهن فيجدهن في أسوأ الحال.
و (الشعث) جمع شعثاء ، من شعث الشعر شعثا فهو شعث ، من باب تعب : تغير وتلبد لقلة تعهده بالدهن ؛ ورجل أشعث وامرأة شعثاء ، و (المراضيع) : جمع مرضاع ، بالكسر وهي التي ترضع كثيرا.
و (السعالى) بفتح السين ، قال أبو علي القالي ، في كتاب المقصور والممدود : السعلى ، بالكسر وبالقصر : ذكر الغيلان ، والأنثى سعلاة : وقال الأصمعي : يقال : السعلاة : ساحرة الجن. حدثنا أبو بكر بن دريد قال : ذكر أبو عبيدة ، وأحسب الأصمعى قد ذكره أيضا ، قال لقيت السعلاة حسان بن ثابت في بعض طرقات المدينة ـ وهو غلام ، قبل أن يقول الشعر ـ فبركت على صدره ، وقالت : أنت الذي يرجو قومك أن تكون شاعرهم؟! قال :
نعم؟ قالت : فأنشدني ثلاثة أبيات على روى واحد ، وإلا قتلتك؟ فقال : [من الوافر]
إذا ما ترعرع فينا الغلام |
|
فما إن يقال له : من هوه |
إذا لم يسد قبل شد الإزار |
|
فذلك فينا الذي لا هوه |
ولى صاحب من بني الشيصبان |
|
فحينا أقول وحينا هوه |
فخلت سبيله.
والشاهد فيه : قوله : «شعثا» بالنصب مقطوعا عما قبله ، ويروى «شعث» على الإتباع.
ينظر : خزانة الأدب ٢ / ٤٢ ، ٤٣٢ ، ٥ / ٤٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤٦ ، وشرح أشعار الهذليين ٢ / ٥٠٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١١٧ ، والكتاب ١ / ٣٩٩ ، ٢ / ٦٦ ، ولأبي أمية في المقاصد النحوية ٤ / ٦٣ ، وللهذلي في شرح المفصل ٢ / ١٨ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٣٢٢ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣١٧ ، ورصف المباني ص ٤١٦ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٠٠.
(٢) م : قولى : «وما عدا ما ذكرت مما تكررت فيه النعوت لا يجوز فيه إلا الإتباع» مثال ذلك : مررت بزيد النجار صاحب بكر الطويل ، لا يجوز قطع شىء من ذلك ؛ لأن الصفة ليست