نعم ، وبلى (١) :
فنعم تكون عادة فى جواب الاستفهام والأمر (٢) ، وتكون تصديقا للخبر ؛ نحو قولك لمن قال (٣) : قام زيد ، أو : [ما] (٤) قام زيد ـ : نعم ، فتصدّقه ، فى إثبات القيام لزيد ، أو نفيه عنه.
وبلى تكون جوابا للنّفى خاصّة ، إلا أنّ معناها أبدا إيجاب المنفىّ ، مقرونا كان النفى بأداة الاستفهام ، أو غير مقرون بها ؛ نحو قولك ـ فى جواب من قال : ما قام زيد ، أو لم يقم زيد بلى ، أى : «قد قام».
ولو قلت : نعم ، لكنت محقّقا للنفى ؛ كأنك قلت : نعم لم يقم.
وقد تقع نعم فى جواب النفى المصاحب لأداة الاستفهام ، والمراد إيجاب المنفىّ ، إذا أمن اللبس ، وذلك بالنظر إلى المعنى ؛ لأنّ التقدير فى المعنى إيجاب ، ألا ترى أنك إذا قلت : «ألم يقم زيد» ؛ فإنّما تريد أن تثبت للمخاطب قيام زيد ؛ ومن ذلك قوله [من الوافر] :
٢٢٩ ـ أليس اللّيل يجمع أمّ عمرو |
|
وإيّانا ؛ فذاك بنا تدانى؟ |
ثم قال :
٢٣٠ ـ نعم ، وترى الهلال كما أراه |
|
ويعلوها النّهار كما علانى (٥) |
__________________
(١) م : وقولى : «نحو نعم وبلى» مثال ذلك : قال زيد نعم ، وقال عمرو بلى. أه.
(٢) م : وقولى : «فنعم تكون عادة فى جواب الاستفهام والأمر» مثال ذلك : قولك فى جواب من قال : اضرب زيدا؟ نعم ، وفى جواب من قال : هل يقوم زيد؟ : نعم. أه.
(٣) في ط : قام.
(٤) سقط في ط.
(٥) البيتان : لجحدر بن مالك ونسبا للمعلوط القريعي.
والشاهد فيهما أن «نعم» هنا ، لتصديق الخبر المثبت المؤول به الاستفهام مع النفي ، فكأنه قال : إن الليل يجمع أم عمرو وإيانا نعم ، فإن الهمزة إذا دخلت على النفي تكون لمحض التقرير ، أي حمل المخاطب على أن يقر بأمر يعرفه ، وهي ، في الحقيقة للإنكار. وإنكار النفي إثبات. ويروى : «بلى وترى» ، و «أرى وضح الهلال كما تراه» ، وعليهما لا شاهد فيه.
ينظر : البيت لجحدر بن مالك في أمالي القالي ١ / ٨٢٢ ، والجنى الداني ص ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٩ ، وسمط اللآلي ص ٦١٧ ، ٩٦١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٠٨ ، ومعجم البلدان ٢ / ٢٢٣ (حجر) ، ومغني اللبيب ٢ / ٣٤٧ ، وللمعلوط القريعي في الشعر والشعراء ١ / ٤٤٩ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٣٦١ ، ورصف المباني ص ٣٦٥ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٤٧.