بها غاية الإجحاف ـ أشار من النّجح معقود بنواصى آرائه ، واليمن معتاد فى مذاهبه وأنحائه ، مالك عنان العلوم وفارس ميدانها ، ومحرز قصب السّبق فى حلبة رهانها. وتاريخ الفضائل وعنوانها ، وحدقتها وإنسانها ، الأمير الأجلّ الأوحد ، المظفّر المؤيّد الأسعد ، أبو زكريا ابن الشيخ المقدّس المجاهد أبى محمد ابن الشيخ المجاهد المقدّس أبى حفص ، أدام الله علاءهم ، وأنار بنجوم السعد سماءهم ـ إلى وضع تأليف منزّه عن الإطناب المملّ ، والاختصار المخلّ ، محتو على كليّاته ، مشتمل على فصوله وغاياته ، عار عن إيراد الخلاف والدليل ، مجرّد أكثره عن ذكر التوجيه والتعليل ؛ ليشرف الناظر فيه على جملة العلم فى أقرب زمان ويحيط بمسائله فى أقصر أوان. فوضعت فى ذلك كتابا صغير الحجم ، مقرّبا للفهم ، ورفعت فيه من علم النحو وشرائعه ، وملّكته عصيّه وطائعه ، وذلّلته للفهم بحسن الترتيب ، وكثرة التهذيب لألفاظه والتقريب ؛ حتى صار معناه إلى القلب ، أسرع من لفظه إلى السّمع. فلمّا أتيت به على القدح ، تمنّعا (١) / على القدح ، مشبها للعقد فى التئام وصوله ، وانتظام فصوله ـ سميته بـ «المقرّب» ليكون اسمه وفق معناه ، ومترجما عن فحواه. وطرّزته باسمهم ، إذ كان نتيجة إشارتهم السديدة ورسمهم ، ورفعته إلى حضرتهم ، وصّل الله عزتهم ؛ إذ كانت سوق العلم نافقة عندها لا تكسد ، وجنائبه هابّة فى جنابها لا تركد. وأنا أرجو أن يرد منهم على حسن قبول وإقبال ، وأن يحظى منهم بتهمّم واهتبال ، والله تعالى يبقى حضرتهم منتهى الآمال ، ومحطّ الرحال أرجة الأرجاء بطيب شمائلهم ، راضية الرياض عن صوب أناملهم. يعبدها أحرار الكلام ، كما يخدمها أحرار الأنام. وتطيعها المعالى ، كما أطاعتها صروف الأيام والليالى ، بمنّه ويمنه.
* * *
__________________
(١) في أ: ممتنعا.