الحكم في جميع الوقائع ، [إذ لو بقي بعضها غير مبيّن الحكم لم يكن الدين كاملا ، وإذا حصل النص في جميع الوقائع](١) فالقياس إن كان [على](٢) وفق النصّ كان عبثا ، وإن كان خلافه كان باطلا.
وأجيب (٣) بأن المراد بإكمال الدين أنّه تعالى بيّن حكم جميع الوقائع بعضها بالنص ، وبعضها بيّن طريق الحكم فيها بالقياس فإنّه تعالى لما جعل الوقائع قسمين :
أحدهما : التي (٤) نصّ على أحكامهما (٥).
والثاني : أنواع يمكن استنباط (٦) الحكم فيها بواسطة قياسها على القسم الأول ، ثم إنّه تعالى أمر بالقياس ، وتعبّد المكلفين به فكان ذلك في الحقيقة بيانا لكل الأحكام.
قال نفاة القياس : الطريق المقتضية لإلحاق غير المنصوص بالمنصوص ، إمّا أن تكون قطعيّة أو غير قطعيّة.
فإن كانت قطعيّة فلا نزاع في صحته ، فإنّا نسلم أن القياس المبنيّ على المقدمات اليقينيّة حجة ، وهذا القياس يكون المصيب فيه واحدا ، ومخالفه يستحقّ العقاب وينقض به قضاء القاضي ، وأنتم لا تقولون بذلك ، وإن كانت طريقة ظنية (٧) كان كل واحد يمكنه أن يحكم بما غلب على ظنّه من غير أن يعلم [هل](٨) هو دين الله أم لا؟ وهل هو الحكم الذي حكم [به الله](٩) أم لا؟ ومثل هذا لا يكون إكمالا للدّين ، بل يكون ذلك (١٠) إلقاء للخلق في ورطة الظّنون ، وأجيب (١١) بأنه إذا كان كلّ مجتهد مكلّفا بالعمل بمقتضى ظنّه [كان](١٢) ذلك إكمالا ويكون كلّ مكلف قاطعا بأنّه عامل بحكم الله تعالى.
قوله سبحانه : (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) «عليكم» متعلق ب «أتممت» ، فلا يجوز [تعلّقه](١٣) ب «نعمتي» ، وإن كان فعلها يتعدّى ب «على» نحو : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) [الأحزاب : ٣٧] ؛ لأن المصدر لا يتقدّم عليه معموله (١٤) ، إلا أن ينوب منابه.
قال أبو البقاء : فإن جعلته على التّبيين أي : «أتممت» أعني «عليكم» جاز ولا حاجة إلى ما ادّعاه.
ومعنى (أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) أي : أنجزت وعدي في قوله : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : واجيبوا.
(٤) في أ : أنه.
(٥) في ب : أحكامها.
(٦) في أ : استيفاء.
(٧) في ب : طيبة.
(٨) سقط في أ.
(٩) سقط في أ.
(١٠) في أ : هو.
(١١) في أ : وأجيبوا.
(١٢) سقط في أ.
(١٣) سقط في أ.
(١٤) في أ : معمولا.