عَلَيْكُمُ) ، وكان من تمام نعمته أن دخلوا مكة آمنين ، وعليها ظاهرين ، وحجّوا آمنين مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين.
قال ابن الخطيب (١) : وهذا المعنى قد عرف بقوله : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) فحمله على هذا تكرير ، وإنما معنى قوله : (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) أي : بسبب ذلك الإكمال ؛ لأنه لا نعمة أتم من نعمة الإسلام.
قوله سبحانه : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) في «رضي» وجهان :
أحدهما : أنه متعد لواحد ، وهو «الإسلام» ، و «دينا» على هذا حال.
وقيل : هو مضمّن معنى صيّر وجعل ، فيتعدّى لاثنين ؛ أولهما : «الإسلام» والثاني : «دينا».
«لكم» يجوز فيه (٢) وجهان :
أحدهما : أنه متعلق ب «رضي».
والثاني : أنه متعلق بمحذوف ؛ لأنّه حال من الإسلام ، ولكنّه قدّم عليه.
ومعنى الكلام أنّ هذا هو الدين المرضيّ عند الله ، ويؤكّده قوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران : ٨].
وقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) قد تقدم الكلام عليها في البقرة [آية : ١٧٣].
و (فِي مَخْمَصَةٍ) متعلق ب «اضطرّ» ، [ومعنى : «اضطرّ»](٣) أصيب بالضر الذي لا يمكنه الامتناع معه من الميتة.
و «المخمصة» : المجاعة ؛ لأنها تخمص [لها](٤) البطون ، أي : تضمر.
قال أهل اللّغة (٥) : الخمص والمخمصة : خلاء البطن من الطعام ، وأصله من الخمص الذي هو ضمور البطن. يقال : رجل خميص وخمصان ، وامرأة خميصة وخمصانة ، والجمع خمائص وخمصانات ، وهي صفة محمودة في النساء.
ويقال : رجل خمصان وامرأة خمصانة ، ومنه أخمص القدم لدقّتها ، ويستعمل في الجوع والغرث.
قال : [الطويل]
__________________
(١) ينظر : الرازي ١١ / ١١١.
(٢) في أ : فيها.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١١١.