وقوله : (إِنِّي مَعَكُمْ) قيل : هذا خطاب للنّقباء ، وقيل : [خطاب](١) لكلّ بني إسرائيل ، والأوّل أولى ؛ لأنّه أقرب إلى الضمير (٢).
قوله تعالى : (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) هذه هي اللّام الموطّئة للقسم ، والقسم معها محذوف ، وقد تقدّم أنّه إذا اجتمع قسم وشرط أجيب سابقهما ، إلا أن يتقدّم ذو خبر ، فيجاب الشّرط مطلقا.
واعلم أنّ الكلام قد تمّ عند قوله : (وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ) أي : بالعلم والقدرة ، فأسمع كلامكم ، وأرى أفعالكم ، وأعلم ضمائركم ، وهذه مقدّمة معتبرة في الترغيب والتّرهيب ، ثم ابتدأ بعدها جملة شرطية ، والشّرط مركّب من خمسة أمور ، وهي قوله : (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً).
قوله عز وعلا : «لأكفّرنّ» هذه «اللّام» هي جواب القسم لسبقه ، وجواب الشّرط محذوف لدلالة جواب [القسم](٣) عليه ، وهذا معنى قول الزّمخشريّ : أن [معنى](٤) قوله : «لأكفّرنّ» سادّ مسدّ جوابي القسم والشّرط ، لا كما فهمه بعضهم وردّ عليه ذلك.
ويجوز أن يكون «لأكفّرنّ» جوابا لقوله تعالى قبل ذلك : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) لما تضمّنه الميثاق [من] معنى القسم ، وعلى هذا فتكون الجملتان ، أعني قوله : «وبعثنا» (وَقالَ اللهُ) فيهما (٥) وجهان :
أحدهما : أنّها في محلّ نصب على الحال.
الثاني : أن تكونا جملتي اعتراض ، والظّاهر أنّ قوله : (لَئِنْ أَقَمْتُمُ) جوابه «لأكفّرنّ» كما تقدّم ، وجملة هذا القسم المشروط وجوابه مفسرة لذلك الميثاق المتقدم.
والتّعزير التّعظيم.
قال : [الوافر]
١٩٤٤ ـ وكم من ماجد لهم كريم |
|
ومن ليث يعزّر في النّديّ (٦) |
وقيل : هو الثّناء بخير قاله يونس ، وهو قريب من الأوّل.
وقال الفرّاء : هو الردّ عن الظّلم.
وقال الزّجّاج (٧) : هو الرّدع والمنع ، فعلى القولين الأوّلين يكون المعنى :
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٤٦.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) في ب : فهما.
(٦) ينظر : البحر ٣ / ٤٨٥ ، الأضداد لابن الأنباري ١٤٧ ، الدر المصون ٢ / ٥٠٠.
(٧) ينظر : معاني القرآن ٢ / ١٧٣.