أحدها : أنّها مستأنفة بيان لقسوة قلوبهم ؛ لأنّه لا قسوة أعظم من الافتراء (١) على الله تعالى.
والثاني : أنّها حال من مفعول «لعنّاهم» أي : لعنّاهم حال اتّصافهم بالتّحريف.
والثالث : قال أبو البقاء (٢) : أنّها حال من الضّمير المستتر في «قاسية».
وقال : ولا يجوز أن يكون حالا من «القلوب» ؛ لأنّ الضّمير في «يحرّفون» لا يرجع إلى «القلوب» ، وفي هذا نظر من حيث جواز أن يكون حالا من الضّمير في «قاسية» ، يلزمه أن يجوّز أن يكون حالا من «القلوب» ، لأنّ الضّمير المستتر في «قاسية» يعود على «القلوب» ، فكما يمتنع أن يكون حالا من ظاهره (٣) [يمتنع أن يكون حالا من ضميره](٤) ، وكأنّ المانع الذي توهمه كون الضّمير وهو الواو في «يحرّفون» إنّما يعود على اليهود بجملتهم لا على قلوبهم خاصّة ، فإن القلوب لا تحرّف ، إنما يحرّف أصحاب القلوب ، وهذا لازم له في تجويزه الحاليّة من الضّمير في «قاسية».
ولقائل أن يقول : المراد ب «القلوب» نفس الأشخاص ، وإنما عبّر عنهم بالقلوب ؛ لأن هذه الأعضاء هي محلّ التّحريف ، أي : إنّه صادر عنها بتفكّرها فيه ، فيجوز على هذا أن يكون حالا من «القلوب».
والرابع : أن يكون حالا من «هم» في «قلوبهم».
قال أبو البقاء (٥) : وهو ضعيف يعني : لأنّ الحال من المضاف إليه لا تجوز ، وغيره يجوّز ذلك في مثل هذا الموضع ؛ لأن المضاف بعض المضاف إليه.
وقرأ الجمهور بفتح الكاف (٦) وكسر اللّام ، وهو جمع «كلمة».
وقرأ (٧) أبو رجاء «الكلم» بكسر الكاف وسكون اللّام ، وهو تخفيف قراءة الجماعة ، وأصلها أنّه كسر الكاف إتباعا ، ثم سكن العين تخفيفا.
وقرأ السّلمي (٨) والنّخعي : «الكلام» بالألف ، و (عَنْ مَواضِعِهِ) وتقدّم مثله في «النّساء» [النساء : ٤٦].
قوله تعالى : (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ).
قال ابن عباس (٩) : تركوا نصيبا ممّا أمروا به من الإيمان بمحمّد ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
__________________
(١) في أ : الافتراض.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢١١.
(٣) في أ : ضميره.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ٢١١.
(٦) في أ : السين.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٦٩ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦١ ، والدر المصون ٢ / ٥٠١.
(٨) ينظر : القراءة السابقة.
(٩) ينظر : الرازي ١١ / ١٤٨.