١٩٥٠ ـ بتيهاء قفر والمطيّ كأنّها |
|
قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها (١) |
ويقال : «تاه يتيه وهو أتيه منه ، وتاه يتوه وهو أتوه منه» [فقول من قال : يتيه ، وتوهته](٢) من التّداخل ، ومثله : «طاح» في كونه سمع في عينيه الوجهان ، وأن فيه التّداخل ـ أيضا ـ فإنّ من قال : «يطيح» قال : «طوّحته» ، وهو «أطوح منه».
واختلفوا في التّيه ، قال [الرّبيع :](٣) مقدار ستة فراسخ ، وقيل : تسعة فراسخ في ثلاثين فرسخا ، وقيل : ستّة فراسخ في اثني عشر فرسخا.
وقيل : كانوا ستمائة ألف فارس.
فإن قيل : كيف يعقل بقاء هذا الجمع العظيم في هذا القدر الصّغير من المفازة أربعين سنة بحيث لا يتّفق لأحد منهم أن يجد طريقا إلى الخروج عنها؟ ولو أنهم وضعوا أعينهم على حركة الشّمس أو الكواكب لخرجوا منها (٤) ، ولو كانوا في البحر العظيم فكيف في المفازة الصغيرة؟.
فالجواب فيه وجهان : الأوّل : أن انخراق العادات في زمن الأنبياء غير مستبعد ، إذ لو فتحنا باب الاستبعاد لزم الطّعن في جميع المعجزات ، وهو باطل.
الثاني : إذا (٥) جعلنا ذلك التّحريم تحريم تعبد (٦) ، زال السّؤال ؛ لأن الله تعالى حرّم عليهم الرّجوع إلى أوطانهم ، وأمرهم بالمكث في تلك المفازة أربعين سنة مع المشقة والمحنة جزاء لهم على سوء صنيعهم.
قال القرطبي (٧) : [قال](٨) أبو علي : قد يكون ذلك بأن يحول (٩) الله الأرض التي هم عليها إذا ناموا فيردّهم إلى المكان الذي ابتدؤوا (١٠) منه ، وقد يكون بغير ذلك من الاشتباه والأسباب [المانعة من](١١) الخروج عنها على طريق المعجزة الخارجة عن العادة.
قال بعضهم : إنّ هارون وموسى لم يكونا فيهم ، والصّحيح : أنّهما كانا فيهم ، ولم يكن لهما عقوبة لكن كما كانت النّار على إبراهيم بردا وسلاما وإنما كانت العقوبة لأولئك الأقوام ، ومات في التّيه كل من دخلها ممن جاز عشرين سنة غير يوشع وكالب ، ولم يدخل أريحاء أحد ممّن قالوا : (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً)(١٢) فلما هلكوا وانقضت الأربعون
__________________
(١) تقدم.
(٢) في أ : تقول من تقول من قال يتيه وتوهته.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : اخرجوا.
(٥) في ب : إنه.
(٦) في أ : بقيد.
(٧) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٨٦.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : يجعل.
(١٠) في أ : ابتدأهم.
(١١) في أ : المبالغة في.
(١٢) سقط في أ.