أحدهما : واتل على الناس.
والثاني : واتل على أهل الكتاب.
وفي «ابني آدم» قولان :
أحدهما : أنهما ابنا آدم لصلبه ، وهما : قابيل ، وهابيل ، وفي سبب [وقوع] المنازعة بينهما قولان :
أحدهما : أن هابيل كان صاحب غنم ، وقابيل صاحب زرع (١) فقرب كل واحد منهما قربانا ، فطلب هابيل أحسن شاة كانت في غنمه وجعلها قربانا ، وطلب قابيل شر حنطة كانت عنده وجعلها قربانا ، فنزلت نار من السماء فاحتملت قربان هابيل ولم تحتمل قربان قابيل ، فعلم قابيل أن الله تعالى قبل قربان أخيه ولم يقبل قربانه ، فحسده وقصد قتله.
قال سعيد بن جبير : ولم يحتمل (٢) قربان قابيل ، فعلم قابيل أن الله قبل قربان أخيه ولم يقبل قربانه ؛ لأنه كان كافرا فقال قابيل لأخيه هابيل ـ وكان مؤمنا ـ : أتمشي على الأرض يراك الناس أفضل مني به ، فحسده وقصد قتله.
وثانيهما : روي أن آدم ـ عليهالسلام ـ كان يولد له [في كل بطن](٣) غلام وجارية وكان يزوج [تلك](٤) البنت من البطن بالغلام من بطن آخر ، فولد له قابيل [وتوأمته ،](٥) قال الكلبي : وكان اسمها «إقليمياء» (٦) ـ ، وبعدهما هابيل وتوأمته وكانت توأمة قابيل أحسن الناس وجها ، فأراد آدم ـ عليهالسلام ـ أن يزوجها من هابيل ، فأبى قابيل وقال : أنا أحق بها وهو أحق بأخته وليس هذا من الله وإنما هو رأيك ، فقال آدم ـ عليهالسلام ـ لهما : قربا قربانا فأيكما قبل قربانه زوجتها منه ، فقربا قربانين ، فقبل الله قربان هابيل بأن أنزل على قربانه نارا فازداد قابيل حسدا له (٧).
قال القرطبي (٨) : وروي عن جعفر الصادق ـ رضي الله عنه ـ «أن آدم ـ عليهالسلام
__________________
ـ (فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) وقال تعالى : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وإنما المسابقة عند خوف الفوت وهو كالعبدين يتسابقان إلى خدمة مولاهما ؛ إذ يجزع كل واحد أن يسبقه صاحبه فيحظى عند مولاه بمنزلة لا يحظى هو بها ، فكيف وقد صرح رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ بذلك فقال : لا حسد إلّا في اثنتين : رجل آتاه لله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله تعالى علما فهو يعمل به ويعلمه الناس.
(١) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٦١.
(٢) في ب : يشتمل.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٦١.
(٦) في ب : أشليماء.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٦١.
(٨) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٨٤) وعزاه لإسحاق بن بشر في «المبتدأ» وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس وينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٨٩.