١٩٥٢ ـ وإن يروا سيّة طاروا بها فرحا |
|
منّي وما سمعوا من صالح دفنوا (١) |
وبهذا قرأ أبو جعفر (٢).
قوله تعالى : (يا وَيْلَتى) قلب ياء المتكلم ألفا ، وهي لغة فاشية في المنادى المضاف إليها ، وهي إحدى اللّغات السّت ، وقد تقدم ذكرها.
وقرىء (٣) كذلك على الأصل وهي قراءة الحسن البصريّ.
والنّداء وإن كان أصله لمن يتأتّى منه الإقبال وهم العقلاء ، إلا أنّ العرب تتجوّز فتنادي ما لا يعقل. وهذه كلمة تستعمل عند وقوع الدّاهية العظيمة ولفظها لفظ النّداء ، كأن الويل غير حاضر عنده ، والمعنى يا ويلتى احضري ، فهذا أوان حضورك ، ومثله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) [يس : ٣٠] ، (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ) [الزمر : ٥٦] ، وأمال (٤) حمزة ، والكسائي ، وأبو عمرو في رواية الدّوري (٥) ألف «حسرتا» ، والجمهور قرأ «أعجزت» بفتح الجيم ، وهي اللّغة الفصيحة ، يقال : «عجزت» بالفتح في الماضي ، «أعجز» بكسرها في المضارع.
وقرأ الحسن ، وابن عبّاس ، وابن مسعود ، وطلحة (٦) بكسرها وهي لغة شاذّة ، وإنّما المشهور أن يقال : «عجزت المرأة» بالكسر أي كبرت عجيزتها ، و «أن أكون» على إسقاط الخافض ، أي : عن أن أكون ، فلما حذف جرى فيها الخلاف المشهور.
قوله تعالى : «فأواري».
قرأ الجمهور بنصب الياء ، وفيها تخريجان :
أصحهما : أنه عطف على «أكون» المنصوبة ب «أن» منتظما في سلكه ، أي : أعجزت عن كوني مشبها للغراب فمواريا (٧).
والثاني : قاله الزمخشريّ (٨) ، ولم يذكر غيره أنّه منصوب على جواب الاستفهام في قوله : «أعجزت» ، يعني : فيكون من باب قوله : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) [الأعراف : ٥٣].
__________________
(١) البيت لقعنب ابن أم صاحب. ينظر : المحتسب ١ / ٢٠٦. السمط ٣٦٢ ، المغني ٧٧٢ ، شواهد المغني ٣٢٦ ، الدر المصون ٢ / ٥١٢.
(٢) ينظر : الدر المصون ٢ / ٥١٣ ، البحر المحيط ٣ / ٤٨١.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٨١ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٨١ ، والدر المصون ٢ / ٥١٤.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٨١.
(٥) في أ : الدرودي.
(٦) ينظر : الشواذ ٣٨ ، القرطبي ٦ / ٩٥ ، البحر المحيط ٣ / ٤٨١.
(٧) في أ : فهو أريا.
(٨) ينظر : الكشاف (١ / ٦٢٦).