«ربّي» على المحلّ ، وحكو ا «إنهم أجمعون ذاهبون» ، وغلّط سيبويه (١) من قال من العرب : «إنهم أجمعون ذاهبون» ، فقال : «واعلم أنّ قوما من العرب يغلطون ، فيقولون : إنّهم أجمعون ذاهبون» ، وأخذ الناس عليه في ذلك من حيث إنه غلّط أهل اللسان ، وهم الواضعون أو المتلقّون من الواضع ، وأجيب بأنهم بالنسبة إلى عامّة العرب غالطون ، وفي الجملة : فالناس قد ردّوا هذا المذهب ، أعني : جواز الرفع عطفا على محلّ اسم «إنّ» مطلقا ، أعني قبل الخبر وبعده ، خفي إعراب الاسم أو ظهر ، ونقل بعضهم الإجماع على جواز الرفع على المحلّ بعد الخبر ، وليس بشيء ، وفي الجملة : ففي المسألة أربعة مذاهب : مذهب المحقّقين : المنع مطلقا ، ومذهب بعضهم : التفصيل قبل الخبر ؛ فيمتنع ، وبعده ؛ فيجوز ، ومذهب الفراء (٢) : إن خفي إعراب الاسم ، جاز ذلك ؛ لزوال الكراهية اللفظية ، وحكي من كلامهم : «إنّك وزيد ذاهبان» ، الرابع : مذهب الكسائيّ : وهو الجواز مطلقا ؛ ويستدلّ بظاهر قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) الآية ، وبقول ضابىء البرجميّ : [الطويل]
٢٠١٤ ـ فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإنّي وقيّار بها لغريب (٣) |
وبقوله : [البسيط]
٢٠١٥ ـ يا ليتنا وهما نخلو بمنزلة |
|
حتّى يرى بعضنا بعضا ونأتلف (٤) |
وبقوله : [الوافر]
٢٠١٦ ـ وإلّا فاعلموا أنّا وأنتم |
|
................. (٥) |
وبقوله : [الرجز]
٢٠١٧ ـ يا ليتني وأنت يا لميس (٦)
وبقولهم : «إنّك وزيد ذاهبان» ، وكلّ هذه تصلح أن تكون دليلا للكسائيّ والفراء معا ، وينبغي أن يورد الكسائيّ دليلا على جواز ذلك مع ظهور إعراب الاسم ؛ نحو : «إنّ زيدا وعمرو قائمان» ، وردّ الزمخشريّ الرفع على المحلّ ؛ فقال : «فإن قلت : هلّا زعمت أن ارتفاعه للعطف على محلّ «إنّ» واسمها ، قلت : لا يصحّ ذلك قبل الفراغ من الخبر ، لا تقول : «إنّ زيدا وعمرو منطلقان» ، فإن قلت : لم لا يصحّ والنية به التأخير ، وكأنك قلت : إنّ زيدا منطلق وعمرو؟ قلت : لأني إذا رفعته رفعته على محلّ «إنّ» واسمها ، والعامل في محلّهما هو الابتداء ، فيجب أن يكون هو العامل في الخبر ؛ لأنّ الابتداء
__________________
(١) ينظر : الكتاب لسيبويه ١ / ٢٩٠.
(٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣١١.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣١١ ، الدر المصون ٢ / ٥٧٤.
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.