أن يكون نكرة ، و «أن» وما في حيّزها عندهم من قبيل أعرف المعارف ؛ لأنّها تشبه المضمر ، وقد تقدم تقرير ذلك ، فكيف يقع تمييزا ؛ لأنّ البدل يحلّ محلّ المبدل منه؟ وعند الكوفيين أيضا لا يجوز ذلك ؛ لأنّهم لا يجيزون التمييز بكلّ المبدل منه ؛ وعند الكوفيين أيضا لا يجوز ذلك ؛ لأنّهم لا يجيزون التمييز بكلّ معرفة خصوصا أن والفعل.
الخامس : أنه في محلّ نصب على البدل من الضمير المنصوب ب «قدّمت» العائد على «ما» الموصولة أو الموصوفة ؛ على حسب ما تقدّم ، والتقدير : قدّمته سخط الله ؛ كقولك : «الذي رأيت زيدا أخوك» وفي هذا بحث يذكر في موضعه.
السادس : أنه في موضع نصب على إسقاط الخافض ؛ إذ التقدير : لأن سخط ، وهذا جار على مذهب سيبويه (١) والفراء (٢) ؛ لأنهما يزعمان أنّ محل «أن» بعد حذف الخافض في محلّ نصب.
السابع : أنه في محلّ جرّ بذلك الخافض المقدّر ، وهذا جار على مذهب الخليل والكسائيّ ؛ لأنهما يزعمان أنّها في محل جرّ ، وقد تقدّم تحقيق ذلك غير مرّة ، وعلى هذا ، فالمخصوص بالذمّ محذوف ، أي : لبئسما قدّمت لهم أنفسهم عملهم أو صنعهم ، ولام العلّة المقدّرة معلّقة إمّا بجملة الذمّ ، أي : سبب ذمّهم سخط الله عليهم ، أو بمحذوف بعده ، أي : لأن سخط الله عليهم كان كيت وكيت.
و «ترى» يجوز أن تكون من رؤية البصر ، ويكون الكثير المعاصرين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وأن تكون العلميّة ، والكثير على هذا أسلافهم ، فمعنى «ترى» : تعلم أخبارهم وقصصهم بإخبارنا إيّاك ، فعلى الأوّل يكون قوله «يتولّون» في محلّ نصب على الحال ، وعلى الثّاني يكون في محلّ نصب على المفعول الثاني.
قوله تعالى : (وَلَوْ كانُوأ :) الظاهر أنّ اسم «كان» وفاعل «اتّخذوهم» عائد على «كثيرا» من قوله : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) ، والضمير المنصوب في «اتّخذوهم» يعود على (الَّذِينَ كَفَرُوا) في قوله : (يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا).
والمعنى : لو كانوا يؤمنون بالله ، والنّبيّ ، وهو موسى عليه الصلاة والسلام ، وما أنزل إليه ما اتّخذوا المشركين أولياء ؛ لأنّ تحريم ذلك متأكد في التّوراة ، وفي شرع موسى صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا فعلوا ذلك ، ظهر أنّه ليس مرادهم تقرير دين موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بل مرادهم الرّياسة والجاه ، ويسعون في تحصيله بأيّ طريق قدروا عليه ، وبهذا وصفهم الله بالفسق ، فقال تعالى : (وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
وأجاز القفّال أن يكون اسم «كان» يعود على (الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وكذلك الضمير المنصوب في «اتّخذوهم» ، والضمير المرفوع في «اتّخذوهم» يعود على اليهود ، والمراد
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ / ١٧١.
(٢) ينظر : معاني القرآن ١ / ١٤٨ ، ٢ / ٢٣٨.