بالقسّ والقسّيس» وأنشد المازنيّ : [الرجز]
٢٠٣٥ ـ لو عرفت لأيبليّ قسّ |
|
أشعث في هيكله مندسّ |
حنّ إليها كحنين الطّسّ (١) |
وأنشد لأمية بن أبي الصّلت : [البسيط]
٢٠٣٦ ـ لو كان منفلت كانت قساوسة |
|
يحييهم الله في أيديهم الزّبر (٢) |
هذا كلام أهل اللغة في القسّيس ، ثم قال : «وقال عروة بن الزّبير : ضيّعت النصارى الإنجيل وما فيه ، وبقي منهم رجل يقال له قسّيس» يعني : بقي على دينه لم يبدّله ، فمن بقي على هديه ودينه ومذهبه ، قيل له : «قسّيس» (٣) ، وقال قطرب : القسّ والقسّيس : العالم بلغة الرّوم ؛ قال ورقة : [الوافر]
٢٠٣٧ أ ـ بما خبّرتنا من قول قسّ |
|
من الرّهبان أكره أن يبوحا (٤) |
فعلى هذا : القسّ والقسّيس مما اتفق فيه اللغتان ، قلت : وهذا يقوّي قول ابن عطيّة ، ولم ينقل أهل اللغة في هذا اللفظ «القسّ» بضم القاف ، لا مصدرا ولا وصفا ، فأما قسّ بن ساعدة الإياديّ ، فهو علم ، فيجوز أن يكون ممّا غيّر بطريق العلمية ، ويكون أصله «قسّ» أو «قسّ» بالفتح أو الكسر ؛ كما نقله ابن عطية ، وقسّ بن ساعدة كان أعلم أهل زمانه ، وهو الذي قال فيه عليهالسلام : «يبعث أمّة وحده» ، وأمّا جمع قسّيس ، فجمع تصحيح ؛ كما في الآية الكريمة ، قال الفراء : «ولو جمع «قسوسا» ، كان صوابا ؛ لأنهما في معنى واحد» ، يعني : قسّا» و «قسّيسا» ، قال : ويجمع القسّيس على «قساوسة» جمعوه على مثال المهالبة ، والأصل : قساسسة ، فكثرت السّينات فأبدلت إحداهنّ واوا ، وأنشدوا لأميّة : [البسيط]
٢٠٣٧ ب ـ لو كان منفلت كانت قساوسة |
|
................. (٥) |
قال الواحديّ : «والقسوسة مصدر القسّ والقسّيس» ، قلت : كأنه جعل هذا المصدر
__________________
(١) الأبيات للعجاج ينظر : ملحق ديوانه ٢ / ٢٩٥ ، اللسان (قسس) الدر المصون ٢ / ٥٩١.
(٢) ويروى البيت :
لو كان منفلت كانت قساقسة
حيث ورد فيه الحمعان : قساوسة وقساقسة. ينظر : ديوانه ٣٣ ، البحر ٤١٤. اللسان : قسس ، الدر المصون ٢ / ٥٩١.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٦ / ١٦٦) عن عروة بن الزبير.
(٤) ينظر : السيرة ١ / ١٩٢. الدر المصون ٢ / ٥٩١.
(٥) تقدم قريبا.