[يريد شوائع].
وأمّا المذاهب الآتية ، فإنه يرد عليها إشكالات ، هذا المذهب سالم منها ؛ فلذلك اعتبره الجمهور دون غيره.
وقال ابن الخطيب (١) : منع الصّرف لثلاثة أوجه :
أحدها : ما تقدّم ، وهو أنّ هذه الكلمة لمّا كانت في الأصل على وزن «فعلاء» مثل «حمراء» ، فلم يتصرّف كحمراء.
وثانيها : لمّا كانت في الأصل «شيآء» ، ثمّ جعلت أشياء منع ذلك الصّرف.
وثالثها : أنّا لمّا قطعنا الحرف الأخير منه ، وجعلناه أوّله ، والكلمة إذا قطع منها الحرف الأخير صارت كنصف كلمة ، ونصف الكلمة لا تقبل الإعراب ، ومن حيث إنّ ذلك الحرف الذي قطعناه ، لم نحذفه بالكلّيّة ، بل ألصقناه بأوّل الكلمة ، فكأنّها باقية بتمامها ، فلا جرم منعناه في بعض وجوه الإعراب دون البعض (٢).
الثاني ـ وبه قال الفراء (٣) ـ : أن «أشياء» جمع ل «شيء» ، والأصل في «شيء»: «شيّىء» على «فيعل» ك «ليّن» ، ثم خفّف إلى «شيء» ؛ كما خففوا لينا ، وهيّنا ، وميّتا إلى لين ، وهين ، وميت ، ثم جمعه بعد تخفيفه ، وأصله «أشيئاء» بهمزتين بينهما ألف بعد ياء بزنة «أفعلاء» ، فاجتمع همزتان : لام الكلمة والتي للتأنيث ، والألف تشبه الهمزة والجمع ثقيل ، فخفّفوا الكلمة ؛ بأن قلبوا الهمزة الأولى ياء ؛ لانكسار ما قبلها ، فيجتمع ياءان ، أولاهما مكسورة ، فحذفوا الياء التي هي عين الكلمة تخفيفا ، فصارت «أشياء» ، ووزنها الآن بعد الحذف «أفلاء» فمنع الصرف ؛ لأجل ألف التأنيث ، وهذه طريقة بعضهم في تصريف هذا المذهب ؛ كمكي (٤) بن أبي طالب ، وقال بعضهم كأبي البقاء (٥) : لمّا صارت إلى أشيئاء ، حذفت الهمزة الثانية التي هي لام الكلمة ؛ لأنّها بها حصل الثّقل ، وفتحت الياء المكسورة ؛ لتسلم ألف الجمع ، فصار وزنها : أفعاء.
المذهب الثالث ـ وبه قال الأخفش ـ : أنّ أشياء جمع «شيء» [بزنة فلس ، أي : ليس مخفّفا من «شيّىء» ، كما يقوله الفرّاء ، بل جمع «شيء»] ، وقال : إنّ فعلا يجمع على أفعلاء ، فصار أشيئاء بهمزتين بينهما ألف بعد ياء ، ثم عمل فيه ما عمل في مذهب الفرّاء ، والطريقان المذكوران عن مكّيّ وأبي البقاء في تصريف هذا المذهب جاريان هنا ، وأكثر المصنّفين يذكرون مذهب الفرّاء عنه وعن الأخفش ، قال مكي (٦) : «وقال الفرّاء والأخفش ؛ والزياديّ : «أشياء» وزنها «أفعلاء» ، وأصلها «أشيئاء» ؛ ك «هيّن وأهوناء» ،
__________________
(١) ينظر تفسير الفخر الرّازي ١٢ / ٨٧.
(٢) في ب : دون بعض المذاهب.
(٣) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٢١.
(٤) ينظر : المشكل ١ / ٢٤٧.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ٢٢٧.
(٦) ينظر : المشكل ١ / ٢٤٧.