لكنه خفّف». ثم ذكر تصريف الكلمة إلى آخره ، وقال أبو البقاء (١) : «وقال الأخفش والفراء : أصل الكلمة «شيّىء» مثل «هيّن» ، ثم خفّف بالحذف» ، وذكر التصريف إلى آخره ، فهؤلاء نقلوا مذهبهما شيئا واحدا ، والحقّ ما ذكرته عنهما ؛ ويدلّ على ما قلته ما قاله الواحديّ ؛ فإنه قال : «وذهب الفرّاء في هذ الحرف مذهب الأخفش» ، غير أنه خلط حين ادّعى أنها كهين ولين حين جمعا على أهوناء وأليناء ، وهين تخفيف «هيّن» ؛ فلذلك جاز جمعه على أفعلاء ، وشيء ليس مخفّفا من «شيّىء» حتى يجمع على أفعلاء ، وهذان المذهبان ـ أعني مذهب الفراء والأخفش ـ وإن سلما من منع الصّرف بغير علّة ، فقد ردّهما الناس ، قال الزجّاج (٢) : «وهذا القول غلط ؛ لأنّ «شيئا» فعل ، وفعل لا يجمع على أفعلاء ، فأما هيّن وليّن ، فأصله : هيين وليين ، فجمع على أفعلاء ، كما يجمع فعيل على أفعلاء ؛ مثل : نصيب وأنصباء» قال شهاب الدين : وهذا غريب جدّا ، أعني كونه جعل أنّ أصل «هيّن» «هيين» بزنة فعيل ، وكذا ليّن وليين ، ولذلك صرح بتشبيههما بنصيب ، والناس يقولون : إنّ هيّنا أصله هيون ، كميّت أصله ميوت ، ثم أعلّ الإعلال المعروف ، وأصل ليّن : ليين بياءين ، الأولى ساكنة والثانية مكسورة ، فأدغمت الأولى ، والاشتقاق يساعدهم ؛ فإن الهيّن من هان يهون ، ولأنّهم حين جمعوه على أفعلاء أظهروا الواو ، فقالوا : أهوناء. وقال الزجّاج (٣) : «إنّ المازنيّ ناظر الأخفش في هذه المسألة ، فقال له : كيف تصغّر أشياء؟ قال : أقول فيها أشيّاء. فقال المازنيّ : لو كانت أفعالا ، لردّت في التصغير إلى واحدها ، وقيل : شييئات ، مثل شعيعات ، وإجماع البصريّين أن تصغير «أصدقاء» إن كان لمؤنث «صديّقات» ، وإن كان لمذكر : «صديقون» فانقطع الأخفش» ، وبسط هذا أنّ الجمع المكسّر ، إذا صغّر : فإمّا أن يكون من جموع القلّة ، وهي أربع على الصحيح : أفعلة وأفعل وأفعال وفعلة ، فيصغّر على لفظه ، وإن كان من جموع الكثرة فلا يصغّر على لفظه على الصحيح ، وإن ورد منه شيء ، عدّ شاذّا ك «أصيلان» تصغير «أصلان» جمع «أصيل» ، بل يردّ إلى واحده ؛ فإن كان من غير العقلاء ، صغّر وجمع بالألف والتاء ، فتقول في تصغير حمر جمع حمار : «حميرات» ، وإن كان من العقلاء صغّر وجمع بالواو والنون ، فتقول في تصغير «رجال» : «رجيلون» ، وإن كان اسم جمع ك «قوم» و «رهط» أو اسم جنس ، ك «قمر» و «شجر» صغّر على لفظه كسائر المفردات ، رجعنا إلى «أشياء» ، فتصغيرهم لها على لفظها يدلّ على أنها اسم جمع ؛ لأنّ اسم الجمع يصغّر على لفظه ، نحو : «رهيط» و «قويم» ، وليست بجمع تكسير ؛ إذ هي من جموع الكثرة ، ولم تردّ إلى واحدها ، وهذا لازم للأخفش ؛ لأنه بصريّ ، والبصريّ لا بدّ وأن يفعل ذلك ، وأصيلان عنده شاذّ ، فلا يقاس عليه ، وفي عبارة مكّيّ قال (٤) : «وأيضا فإنه
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٢٧.
(٢) ينظر : معاني القرآن ٣ / ٢٣٣.
(٣) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٢٣٤.
(٤) ينظر : المشكل ١ / ٢٤٧.