يلزمهم أن يصغّروا «أشياء» على «شويّات» ، أو على «شييئات» ، وذلك لم يقله أحد». قال شهاب الدين (١) : قوله «شويّات» ليس بجيّد ؛ فإن هذا ليس موضع قلب الياء واوا ، ألا ترى أنك إذا صغّرت بيتا ، قلت : بييتا لا بويتا ، إلّا أن الكوفيّين يجيزون ذلك ، فيمكن أن يرى رأيهم ، وقد ردّ مكيّ (٢) أيضا مذهب الفراء والأخفش بشيئين :
أحدهما : أنه يلزم منه عدم النظير ؛ إذ لم يقع «أفعلاء» جمعا ل «فيعل» فيكون هذا نظيره ، وهيّن وأهوناء شاذّ لا يقاس عليه.
والثاني : أن حذفه واعتلاله مجرى على غير قياس ، فهذا القول خارج في جمعه واعتلاله عن القياس والسّماع.
المذهب الرابع ـ وهو قول الكسائي وأبي حاتم ـ : أنها جمع شيء على أفعال ك «بيت» و «أبيات» و «ضيف» و «أضياف» ، واعترض الناس هذا القول ؛ بأنه يلزم منه منع الصرف بغير علته ؛ إذ لو كان على «أفعال» ، لانصرف كأبيات ، قال الزجّاج (٣) : «أجمع البصريّون وأكثر الكوفيّين على أن قول الكسائيّ خطأ ، وألزموه ألّا يصرف أنباء وأسماء». قال شهاب الدين (٤) : والكسائيّ قد استشعر بهذا الردّ ، فاعتذر عنه ، ولكن بما لا يقبل ، قال الكسائيّ ـ رحمهالله ـ : «هي ـ أي أشياء ـ على وزن أفعال ، ولكنها كثرت في الكلام ، فأشبهت فعلاء ، فلم تصرف كما لم يصرف حمراء» ، قال : «وجمعوها أشاوى ، كما جمعوا عذراء وعذارى ، وصحراء وصحارى ، وأشياوات كما قيل حمراوات» ، يعني أنهم عاملوا «أشياء» ، وإن كانت على أفعال معاملة حمراء وعذراء في جمعي التكسير والتصحيح ، إلا أن الفرّاء والزجّاج اعترضا على هذا الاعتذار ، فقال الفرّاء (٥) : «لو كان كما قال ، لكان أملك الوجهين أن تجرى ؛ لأن الحرف إذا كثر في الكلام ، خفّ وجاز أن يجرى كما كثرت التسمية ب «يزيد» ، وأجروه في النّكرة ، وفيه ياء زائدة تمنع من الإجراء». والمراد بالإجراء الصرف ، وقال الزجّاج : «أجمع البصريون وأكثر الكوفيّين» وقد تقدّم آنفا ، وقال مكي (٦) : «وقال الكسائيّ وأبو عبيد: لم تنصرف ـ أي أشياء ـ ؛ لأنها أشبهت «حمراء» ؛ لأن العرب تقول : «أشياوات» كما تقول : «حمراوات» قال : «ويلزمهما ألّا يصرفا في الجمع أسماء وأبناء ؛ لقول العرب فيهمأ : أسماوات وأبناوات» ، وقد تقدّم شرح هذا ، ثم إنّ مكّيّا ـ رحمهالله ـ بعد أن ذكر عن الكسائيّ ما تقدّم ، ونقل مذهب الأخفش والفرّاء ، قال : «قال أبو حاتم : أشياء أفعال جمع شيء كأبيات» فهذا يوهم أن مذهب الكسائيّ المتقدّم غير هذا المذهب ، وليس كذلك ، بل هو هو ، وقد أجاب بعضهم عن الكسائيّ بأن النحويّين قد اعتبروا في باب ما لا ينصرف الشبه اللفظيّ ،
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٦١٧.
(٢) ينظر : المشكل ١ / ٢٤٧.
(٣) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٢٣٣.
(٤) ينظر : ينظر : الدر المصون ٢ / ٦١٧.
(٥) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٢١.
(٦) ينظر : المشكل ١ / ٢٤٦.