دون المعنويّ ، يدلّ على ذلك مسألة «سراويل» في لغة من يمنعه ؛ فإنّ فيه تأويلين : أحدهما : أنه مفرد أعجميّ ، حمل على موازنه في العربيّة ، أي صيغة مصابيح مثلا ؛ ويدلّ له أيضا أنهم أجروا ألف الإلحاق المقصورة مجرى ألف التأنيث المقصورة ، ولكن مع العلميّة ، فاعتبروا مجرّد الصّورة.
المذهب الخامس : أنّ وزنها «أفعلاء» أيضا جمعا ل «شييء» بزنة «ظريف» ، وفعيل يجمع على أفعلاء ، ك «نصيب وأنصباء» ، و «صديق وأصدقاء» ، ثم حذفت الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة ، وفتحت الياء ؛ لتسلم ألف الجمع ؛ فصارت أشياء ، ووزنها بعد الحذف أفعاء ، وجعله مكّيّ (١) في التصريف كتصريف [مذهب] الأخفش ؛ من حيث إنه تبدل الهمزة ياء ، ثم تحذف إحدى الياءين ، قال ـ رحمهالله ـ : «وحسّن الحذف في الجمع حذفها في الواحد ، وإنما حذفت من الواحد ؛ تخفيفا لكثرة الاستعمال ؛ إذ «شيء» يقع على كل مسمّى من عرض ، أو جوهر ، أو جسم ، فلم ينصرف لهمزة التأنيث في الجمع» ، قال : «وهذا قول حسن جار في الجمع ، وترك الصرف على القياس ، لو لا أنّ التصغير يعترضه ، كما اعترض الأخفش». قال شهاب الدين (٢) : قوله «هذا قول حسن» ، فيه نظر ؛ لكثرة ما يرد عليه ، وهو ظاهر ممّا تقدّم ، ولمّا ذكر أبو حيان هذا المذهب ، قال في تصريفه : «ثمّ حذفت الهمزة الأولى ، وفتحت ياء المدّ ؛ لكون ما بعدها ألفا» ، قال : «وزنها في هذا القول إلى «أفياء» ، وفي القول قبله إلى «أفلاء» ، كذا رأيته «أفياء» ، بالياء ، وهذا غلط فاحش ، ثم إنّي جوّزت أن يكون هذا غلطا عليه من الكاتب ، وإنما كانت «أفعاء» بالعين ، فصحّفها الكاتب إلى «أفياء» ، وقد ردّ الناس هذا القول : بأنّ أصل شيء : «شييء» بزنة «صديق» دعوى من غير دليل ، وبأنه كان ينبغي ألّا يصغّر على لفظه ، بل يردّ إلى مفرده ؛ كما تقدم تحريره.
وقد تلخص القول في «أشياء» : أنها هل هي اسم جمع ، وأصلها «شيئاء» ؛ كطرفاء ، ثم قلبت لامها قبل فائها ، فصار وزنها «لفعاء» أو جمع صريح؟ وإذا قيل بأنها جمع صريح ، فهل أصلها «أفعلاء» ثم تحذف ، فتصير إلى «أفعاء» أو «أفلاء» ، أو أنّ وزنها «أفعال» ؛ كأبيات.
قوله تعالى : (إِنْ تُبْدَ) شرط ، وجوابه «تسؤكم» ، وهذه الجملة الشرطية في محلّ جرّ صفة ل «أشياء» ، وكذا الشرطيّة المعطوفة أيضا ، وقرأ ابن عبّاس (٣) : «إنّ تبد لكم تسؤكم» ببناء الفعلين للفاعل ، مع كون حرف المضارعة تاء مثنّاة من فوق ، والفاعل ضمير «أشياء» ، وقرأ الشعبي (٤) ـ فيما نقله عنه أبو محمّد بن عطيّة : «إن يبد» بفتح الياء من
__________________
(١) ينظر : المشكل ١ / ٢٤٨.
(٢) ينظر : الدر المصون ٢ / ٦١٨.
(٣) وقرأ بها مجاهد كما في المحرر الوجيز ٢ / ٢٤٦ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٥ ، وينظر : الدر المصون ٢ / ٦١٨.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٤٦.