الحواريّون : يا عيسى ابن مريم» : «عيسى في محل النصب على إتباع حركته حركة الابن ؛ كقولك : «يا زيد بن عمرو» ، وهي اللغة الفاشية ، ويجوز أن يكون مضموما ؛ كقولك «يا زيد بن عمرو» ، والدليل عليه قوله : [المتقارب]
٢٠٨٤ ـ أحار بن عمرو كأنّي خمر |
|
................. (١) |
لأنّ الترخيم لا يكون إلا في المضموم». انتهى ، فاحتاج إلى الاعتذار عن تقدير الضمة ، واستشهد لها بالبيت ؛ لمخالفتها اللغة الشهيرة.
وقولنا : «المفرد» تحرّز من المطوّل ، وقولنا «المعرفة» تحرّز من النكرة ؛ نحو : [«يا رجلا ابن رجل» إذا لم تقصد به واحدا بعينه ، وقولنا : «الظاهر الضّمّة» تحرّز من نحو :] «يا موسى بن فلان» ، وكالآية الكريمة ، وقولنا ب «ابن» تحرّز من الوصف بغيره ؛ نحو : «يا زيد صاحبنا» ، وقولنا : «بين علمين أو اسمين متفقين لفظا» تحرّز من نحو : «يا زيد [بن أخينا»] ، وقولنا : «غير مفصول» تحرّز من نحو : «يا زيد العاقل ابن عمرو» ؛ فإنه لا يجوز في جميع ذلك إلا الضّمّ ، وقولنا : [«وصف»] تحرّز من أن يكون الابن خبرا ، لا صفة ؛ نحو : «زيد ابن عمرو» ، وهل يجوز إتباع «ابن» له فيضمّ نحو : «يا زيد بن عمرو» بضم «ابن»؟ فيه خلاف.
وقولنا : «أحكام» ، وقد تقدّم منها ما ذكرناه من جواز فتحه إتباعا ، ومنها : حذف ألفه خطّا ، ومنها : حذف تنوينه في غير النداء ؛ لأنّ المنادى لا تنوين فيه وفي قوله : (ابْنَ مَرْيَمَ) ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه صفة ؛ كما تقدّم ، والثاني : أنه بدل ، والثالث : أنه بيان ؛ وعلى الوجهين الأخيرين : لا يجوز تقدير الفتحة إتباعا ؛ إجماعا ؛ لأنّ الابن لم يقع صفة ، وقد تقدّم أنّ ذلك شرط.
وأراد بالنّعمة : الجمع كقوله : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) [النحل : ١٨] ، وإنّما جاز ذلك ؛ لأنّه مضاف يصلح للجنس.
فصل
قال القرطبي (٢) : إنما ذكّر الله ـ تبارك وتعالى ـ عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ
__________________
(١) صدر بيت لامرىء القيس في ديوانه ص (١٥٤) ، وللنمر بن تولب في ملحق ديوانه ص (٤٠٤). خزانة الأدب ١ / ٣٧٤ ، الدرر ٥ / ١٧٩ ، لسان العرب (أمر) (خمر) (نفس) ، المقاصد النحوية ١ / ٩٥ ، وينظر : شرح الأشموني ١ / ١٢ ، المقتضب ٤ / ٢٣٤ ، همع الهوامع ٢ / ١٤٣ ، الدر المصون ٢ / ٦٤٦.
وعجزه : ويعدو على المرء ما يأتمر.
ينظر : ما كتبه الشيخ عضيمة في حواشيه على المقتضب في الموضع السابق.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ١٢ / ٢٣٤.