قوله : (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ) بدل من «إذا» ، أو : منصوبا بإضمار فعل ، أي : أعني : يوم أو يوم يتذكر كيت وكيت.
قوله : (ما سَعى) أي : ما عمل من خير أو شر يراه مكتوبا في كتابه فيتذكره ، وكان قد نسيه ، لقوله تعالى : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) [المجادلة : ٦].
قوله تعالى : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) العامة على بنائه للمفعول مشددا ، و (لِمَنْ يَرى) بياء الغيبة.
وزيد بن علي وعائشة وعكرمة (١) : مبنيّا للفاعل مخففا ، و «ترى» بتاء من فوق ، فجوزوا في تاء «ترى» أن تكون للتأنيث ، وفي «ترى» ضمير الجحيم ، كقوله تعالى : (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [الفرقان : ١٢] ، وأن تكون للخطاب ، أي : ترى أنت يا محمد ، والمراد : ترى الناس. وقرأ عبد الله (٢) : «لمن رأى» فعلا ماضيا.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «برّزت» كشفت عنها تتلظّى ، فيراه كل ذي بصر ، فالمؤمنون يمرّون عليها ، (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] ، وأمّا الكفار فهي مأواهم (٣).
وقيل : الرؤية هنا : استعارة ، كقولهم : قد تبين الصبح لذي عينين.
وقيل : المراد : الكافر ؛ لأنه الذي يرى النار بما فيها من أصناف العذاب.
وقيل : يراها المؤمن ليعرف قدر النّعمة.
قوله : (فَأَمَّا مَنْ طَغى) أي : تجاوز الحدّ في العصيان.
قيل : نزلت في النّضر وأبيه الحارث ، وهي عامة في كل كافر آثر الحياة الدنيا على الآخرة.
قوله : (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) إمّا هي المأوى له ، أو هي مأواه ، وقامت «أل» مقام الضمير ، وهو رأي الكوفيين وقد تقدم تحقيق هذا والرد على قائله ، خلافا للبصريين ؛ قال الشاعر : [الطويل]
٥١٠٦ ـ رحيب قطاب الجيب منها رقيقة |
|
بجسّ النّدامى بضّة المتجرّد (٤) |
إذ لو كانت «أل» عوضا من الضمير لما جمع بينهما في هذا البيت ، ولا بدّ من أحد هذين التأويلين في الآية الكريمة لأجل العائد من الجملة الواقعة خبرا للمبتدأ ، والذي
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٩٧ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٣٤ ، والبحر المحيط ٨ / ٤١٥ ، والدر المصون ٦ / ٤٧٦.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٩٨ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٧٦.
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره (١٩ / ١٣٤).
(٤) تقدم.