بالكلية ، وهذا قول ابن زيد ، وعطية ، وسفيان ، ووهب ، وأبيّ ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عباس في رواية ، والضحاك ـ رضي الله عنهم ـ أوقدت فصارت نارا.
الثاني : قال ابن عباس : يكوّر الله تعالى الشمس ، والقمر ، والنجوم في البحار ، فتصير البحار مسجورة بسبب ذلك يبعث الله ـ تعالى ـ [لها](١) ريحا دبورا ، فتنفخه حتى تصير نارا ، كذا جاء في الحديث (٢).
الثالث : أن يخلق الله ـ تعالى ـ تحت البحار نيرانا عظيمة حتى تسجر تلك المياه.
قال ابن الخطيب (٣) : وهذه وجوه متكلّفة ، ولا حاجة إلى شيء منها ؛ لأن القادر على تخريب الدنيا يقدر على أن يفعل في البحار ما شاء من تسجير مياهها ، ومن قلب مياهها نارا (٤) من غير حاجة إلى أن يلقي فيها الشمس والقمر ، أو يكون تحتها نار جهنم.
قال القرطبيّ (٥) : وروي عن ابن عمرو ـ رضي الله عنه ـ : لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم (٦).
وقال أبي بن كعب رضي الله عنه : ستّ آيات قبل يوم القيامة : بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس ، فتحيّروا ودهشوا ، فبينما هم كذلك ينظرون إذ تناثرت النجوم ، وتساقطت ، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحركت ، واضطربت ، واحترقت ، فصارت هباء منبثا ، ففزعت الجنّ إلى الإنس ، وفزعت الإنس إلى الجنّ ، واختلط الدواب ، والوحش ، والهوام والطير ، وماج بعضها في بعض ، فذلك قوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) ، ثم قالت الجنّ للإنس : نحن نأتيكم بالخبر ، فانطلقوا إلى البحار فإذا هي نار تأجّج ، فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى ، وإلى السماء السابعة العليا ، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح ، فأماتتهم (٧).
وقال ابن الخطيب (٨) : وهذه العلامات يمكن أن تكون عند خراب الدنيا ، وأن تكون بعد القيامة.
وقيل : معنى «سجّرت» يحمر ماؤها حتى يصير كالدّم ، من قولهم : «عين سجراء» أي: حمراء.
__________________
(١) سقط من أ.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٠) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في «الأهوال» وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في «العظمة» عن ابن عباس.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٦٣.
(٤) في أ : نيرانا.
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١٥١.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي (١٩ / ١٥١).
(٧) ينظر المصدر السابق.
(٨) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٦٣.