الإلصاق آخرا؟ قلت : لأن الكأس مبدأ شربهم ، وأول غايته ، وأما العين فبها يمزجون شرابهم ، فكأن المعنى : يشرب عباد الله بها الخمر كما تقول : شربت الماء بالعسل».
قوله : (عَيْناً). في نصبها أوجه :
أحدها : بدل من «كافورا» ؛ لأن ماءها في بياض الكافور وفي رائحته وفي برده.
الثاني : أنها بدل من محل «من كأس». قاله مكي. ولم يقدر حذف مضاف.
وقدر الزمخشري على هذا الوجه حذف مضاف ، قال : كأنه قيل : يشربون خمرا ، خمر عين. وأما أبو البقاء فجعل المضاف مقدرا على وجه البدل من «كافور».
قال : «والثاني : بدل من كافور ، أي من ماء عين ، أو خمر عين». وهو معنى حسن.
والثالث : أنها مفعول ب «يشربون» يفسره ما بعده ، أي يشربون عينا من كأس.
الرابع : أن ينتصب على الاختصاص.
الخامس : بإضمار «يشربون» يفسره ما بعده ، قاله أبو البقاء. وفيه نظر ؛ لأن الظاهر أنه صفة ل «عين» فلا يصح أن يفسر.
السادس : بإضمار «يعطون».
السابع : على الحال من الضمير في «مزاجها». قاله مكي.
وقال القرطبي (١) : «نصب بإضمار أعني».
قوله : «يشرب بها». في الباء أوجه :
أحدها : أنها مزيدة ، أي : يشربها ، ويدل له (٢) قراءة ابن أبي عبلة : يشربها معدى إلى الضمير بنفسه.
الثاني : أنها بمعنى «من».
الثالث : أنها حالية ، أي : يشرب ممزوجة بها.
الرابع : أنها متعلقة ب «يشرب» والضمير يعود على الكأس ، أي : يشربون العين بذلك الكأس ، والباء للإلصاق كما تقدم في قول الزمخشري.
الخامس : أنه على تضمين «يشربون» معنى يلتذّون بها شاربين.
السادس : على تضمينه معنى يروى ، أي : يروى بها عباد الله ، وكهذه الآية الكريمة في بعض الأوجه قول الهذلي : [الطويل]
٥٠٣٣ ـ شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت |
|
متى لجج خضر لهنّ نئيج (٣) |
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٢.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣١٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٨٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٤١.
(٣) تقدم.