قال القرطبيّ (١) : «والخنّس» على هذا : من الخنس في الأنف ، وهو تأخير الأرنبة ، وقصر القصبة ، وأنوف البقر والظّباء خنس ، والقول الأول أظهر لذكر الليل والصبح بعده.
وحكي الماورديّ : أنها الملائكة ، والكنّس : الغيب ، مأخوذة من الكناس ، وهو كناس الوحش الذي يختفي (٢) فيه ، والكنّس : جمع كانس وكانسة.
قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ). يقال : عسعس وسعسع ، أي : أقبل.
قال العجاج : [الرجز]
٥١٢٣ ـ حتّى إذا الصّبح لها تنفّسا |
|
وانجاب عنها ليلها وعسعسا (٣) |
أي : أدبر.
قال الفراء : أجمع المفسرون على أن معنى «عسعس» : أدبر حكاه الجوهري.
وقيل : دنا من أوله وأظلم ، وكذلك السحاب إذا دنا من الأرض.
وقيل : «أدبر» من لغة قريش خاصّة.
وقيل : أقبل ظلامه ، ورجحه مقابلته بقوله تعالى (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) ، وهذا قريب من إدباره.
وقيل : هو لهما على طريق الاشتراك.
قال الخليل وغيره : عسعس الليل : إذا أقبل ، أو أدبر.
قال المبرد : هو من الأضداد ، والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد ، وهو ابتداء الظلام في أوله ، وإدباره في آخره.
قال الماورديّ : وأصل العسّ : الامتلاء.
ومنه قيل للقدح الكبير : عسّ ، لامتلائه بما فيه ، فأطلق على إقبال الليل لابتداء امتلائه ، وأطلق على إدباره لانتهاء امتلائه ، فعلى هذا يكون القسم بإقبال الليل وبإدباره ، وهو قوله تعالى: (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) لا يكون فيه تكرار.
وعسعس : اسم موضع بالبادية ، وأيضا : هو اسم رجل.
ويقال للذئب : العسعس والعسعاس ؛ لأنه يعسّ في الليل ويطلب.
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١٥٥.
(٢) في : ب يجتمع.
(٣) رواية البيت الثاني كما في الديوان :
وأعّسف اللّيل إذا اللّيل غسا
ينظر ديوان العجاج ١٢٩ ، ومجاز القرآن ٢ / ٢٨٨ ، والطبري ٣٠ / ٥٠ ، ومجمع البيان ١٠ / ٦٧٦ ، والكشاف ٤ / ٧١١ ، والقرطبي ١٩ / ١٥٥ ، والبحر ٨ / ٤٢٢ وقد نسب البيتان إلى علقمة بن قرط.