ويقال للقنافذ : العساعس ، لكثرة ترددها بالليل ، والتّعسعس : الشم ، والتّعسعس ـ أيضا ـ : طلب الصيد.
قوله تعالى : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) ، أي : امتد حتى يصير نهارا واضحا.
يقال للنهار إذا زاد : تنفس ، ومعنى التنفس : خروج النسيم من الجوف.
وفي كيفية المجاز قولان :
الأول : أنه إذا أقبل الصبح أقبل بإقباله روح ونسيم ، فجعل ذلك نفسا له على المجاز ، فقيل : تنفس الصبح.
الثاني : أنه شبّه الليل المظلم بالمكروب المحزون الذي خنس بحيث لا يتحرك ، فإذا تنفس وجد راحة ، فهاهنا لما طلع الصبح ، فكأنه تخلص من ذلك الحزن فعبر عنه بالتنفس.
وقيل : (إِذا تَنَفَّسَ) أي إذا انشق وانفلق ، ومنه تنفّست القوس : أي : تصدعت.
[وهذا آخر القسم](١).
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ). قال الحسن وقتادة والضحاك : الرسول الكريم : جبريل (٢).
والمعنى : إنّه لقول رسول كريم من الله كريم على الله ، وأضاف الكلام إلى جبريل ، ثم عزاه عنه فقال : (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الواقعة : ٨٠] ، ليعلم أهل التحقيق في التصديق أن الكلام لله تعالى.
وقيل : هو محمد صلىاللهعليهوسلم ، فمن جعله جبريل ، فقوته ظاهرة ؛ لما روى الضحاك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : من قوته قلعه مدائن قوم لوط بقوادم جناحه (٣).
وقوله تعالى : (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ) أي : عند الله سبحانه وتعالى.
«مكين» أي : ذي منزلة ومكانة.
وروى أبو صالح قال : يدخل سبعين سرادقا بغير إذن.
وقيل : المراد : القوة في أداء طاعة الله تعالى ، وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر زمان التكليف.
وقوله تعالى : (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ) هذه العندية ليست عندية الجهة ، بل عندية الإشراف ، والتكريم ، والتعظيم.
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٧١) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٣٠) وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر. وذكره عن ابن عباس وعزاه إلى ابن المنذر.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٥٦) عن الضحاك عن ابن عباس.