وقال وهب بن منبه ـ رضي الله عنه ـ : قرأت في تسعة (١) وثمانين كتابا مما أنزل الله ـ تعالى ـ على الأنبياء : من جعل إلى نفسه شيئا فقد كفر ، وفي التنزيل : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الأنعام : ١١١].
وقال تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [يونس : ١٠٠].
وقال تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦] ، والآي في هذا كثيرة ، وكذلك الأخبار وأن الله ـ تعالى ـ هدى بالإسلام ، وأضلّ بالكفر(٢).
قال ابن الخطيب (٣) : وهذا عين (٤) مذهبنا ؛ لأن الأفعال موقوفة على مشيئتنا ، ومشيئتنا موقوفة على مشيئة الله ، والموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء ، فأفعال العباد ثبوتا ونفيا موقوفة على مشيئة الله تعالى ، وحمل المعتزلة ذلك على أنها مخصوصة بمشيئة الإلجاء والقهر ، وذلك ضعيف ؛ لأن المشيئة الاختيارية حادثة ، فلا بد من محذوف ، فيعود الكلام. والله تعالى أعلم.
روى الثعلبي عن أبيّ ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ، أعاذه الله أن يفضحه حين تنشر صحيفته» (٥). والله أعلم بالصواب.
__________________
(١) في أ : سبعة.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٦٩.
(٤) في أ : غير.
(٥) تقدم تخريجه.