قال مرة الهمداني : الزمهرير : البرد القاطع.
وقال مقاتل بن حيان : هو شيء مثل رءوس الإبر ينزل من السماء في غاية البرد.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : هو لون من العذاب ، وهو البرد الشديد ، حتى إن أهل النار إذا ألقوا فيه سألوا الله أن يعذبهم في النار ألف سنة أهون عليهم من عذاب الزمهرير يوما واحد.
قوله : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ) العامة على نصبها ، وفيها أوجه :
أحدها : أنها عطف على محل «لا يرون».
الثاني : أنها معطوفة على «متّكئين» فيكون فيها ما فيها.
قال الزمخشري : «فإن قلت : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) علام عطفت؟.
قلت : على الجملة التي قبلها ؛ لأنها في موضع الحال من المجزيين ، وهذه حال مثلها عنهم لرجوع الضمير منها إليهم في «عليهم» ، إلّا أنها اسم مفرد ، وتلك جماعة في حكم مفرد ، تقديره : غير رائين فيها شمسا ، ولا زمهريرا ودانية عليهم ظلالها ، ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين مجتمعان لهم ، كأنه قيل : وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والقمر ودنو الظلال عليهم».
الثالث : أنها صفة لمحذوف ، أي : وجنة دانية.
قال أبو البقاء : كأنه قيل : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) أي : أخرى دانية عليهم ظلالها ، لأنهم قد وعدوا جنتين ، لأنهم خافوا مقام ربهم ، بقولهم : (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً).
الرابع : أنها صفة ل «جنة» الملفوظ بها. قاله الزجاج.
وقال الفراء : نصب على المدح ، أي : دانية عليهم ، لقوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) [الرحمن : ٤٦].
وقرأ أبو حيوة (١) : «ودانية» بالرفع ، وفيها وجهان :
أظهرهما : أن يكون «ظلالها» مبتدأ ، «ودانية» خبر مقدم ، والجملة في موضع الحال.
قال الزمخشري : «والمعنى : لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ، والحال أن ظلالها دانية».
والثاني : أن ترتفع «دانية» بالابتداء ، و «ظلالها» فاعل به ، وبها استدل الأخفش على جواز إعمال اسم الفاعل ، وإن لم يعتمد ، نحو «قائم الزيدون» ، فإن «دانية» لم تعتمد على شيء مما ذكره النحويون ، ومع ذلك فقد رفعت «ظلالها».
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٨٨ ، والدر المصون ٦ / ٤٤٣.