قال : والكأس لا تسمى كأسا حتى تترع من الخمر ، قال : وكذلك الطبق الذي تهدى فيه الهدية إذا كانت فيه يسمى مهدى ، فإذا كان فارغا يسمّى طبقا أو خوانا.
قال ابن الأعرابي : مهدى ـ بكسر الميم ـ ، ولا يسمى الطبق مهدى إلا وفيه ما يهدى ، والمهداء ـ بالمد ـ الذي من عادته أن يهدى.
وقيل : الأرائك : الفرش على السرر ؛ قال ذو الرمة : [الطويل]
٥٠٤٣ ـ خدود جفت في السّير حتّى كأنّما |
|
يباشرن بالمعزاء مسّ الأرائك (١) |
أي : الفرش على السرر.
قوله : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً). فيها أوجه :
أحدها : أنها حال ثانية من مفعول «جزاهم».
الثاني : أنها حال من الضمير المرفوع المستكن في «متّكئين» فتكون حالا متداخلة.
الثالث : أن تكون صفة ل «جنة» ك «متكئين» عند من يرى ذلك ـ كما تقدم ـ عن الزمخشري.
والزمهرير : أشد البرد ، وهذا هو المعروف ؛ وقيل : هو القمر بلغة طيّىء ؛ وأنشد : [الرجز]
٥٠٤٤ ـ في ليلة ظلامها قد اعتكر |
|
قطّعتها والزّمهرير ما نهر (٢) |
ويروى : ما ظهر ، أي : لم يطلع القمر ، والمعنى : لا يرون فيها شمسا كشمس الدنيا ، ولا قمرا كقمر الدنيا ، أي : أنهم في ضياء مستديم ، لا ليل فيه ولا نهار ، لأن ضوء النّهار بالشمس ، وضوء الليل بالقمر ، والمعنى : أن الجنة لا يحتاج فيها إلى شمس ولا إلى قمر ، ووزنه «فعلليل» ، وقيل : المعنى : لا يرون في الجنّة شدة حر كحرّ الشمس ، ولا زمهريرا ، أي : ولا بردا مفرطا.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اشتكت النّار إلى ربّها سبحانه ، قالت : يا ربّ ، أكل بعضي بعضا ، فجعل لها نفسين : نفسا في الشّتاء ، ونفسا في الصّيف ، فشدّة ما تجدون من البرد من زمهريرها ، وشدّة ما تجدون من الحرّ في الصّيف من سمومها» (٣).
__________________
(١) ينظر ديوانه ٣ / ١٧٢٩ ، ومجاز القرآن ١ / ٤٠١ ، ٢ / ١٦٤ ، والقرطبي ١٩ / ٨٨.
(٢) ينظر الكشاف ٤ / ٦٧٠ ، والقرطبي ١٩ / ٩٠ ، والبحر ٨ / ٣٨٥ ، والدر المصون ٦ / ٤٤٣ ، وروح المعاني ٢٩ / ٢٠٠.
(٣) أخرجه البخاري (٢ / ٣٢) ، كتاب مواقيت الصلاة : باب الإبراد بالظهر في شدة الحر رقم (٥٣٦ ، ٥٣٧) ومسلم (١ / ٤٣٠) كتاب المساجد : باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر رقم (١٨٠ / ٦١٥) والشافعي في «مسنده» (١ / ٥٢) رقم (١٥٤) والترمذي (٢٥٩٥) وابن ماجه (٤٣١٩) وأحمد (٢ / ٢٣٨ ، ٢٧٧) والبغوي في «شرح السنة» (٢ / ٢٤) رقم (٣٦٢) من حديث أبي هريرة.