جهة العلمية بل على جهة الإطلاق المجرد ، أو يكون من باب تنوين «سلاسل» و «قوارير» وقد تقدم.
وأغرب ما قيل في هذا الحرف : أنه مركب من كلمتين من فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول ، والتقدير سل أنت سبيلا إليها.
قال الزمخشري : وقد عزوا إلى علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أن معناه سل سبيلا إليها ، قال : وهذا غير مستقيم على ظاهره إلا أن يراد أن جملة قول القائل : سل سبيلا جعلت علما للعين ؛ كما قيل : تأبط شرا ، وذرى حبّا ، وسميت بذلك ؛ لأنه لا يشرب منها إلّا من سأل سبيلا إليها بالعمل الصالح ، وهو مع استقامته في العربية تكلف وابتداع وعزوه إلى مثل علي أبدع وفي شعر بعض المحدثين :
٥٠٤٩ ـ سل سبيلا فيها إلى راحة النّف |
|
س براح كأنّها سلسبيل (١) |
قال أبو حيان (٢) بعد تعجبه من هذا القول : وأعجب من ذلك توجيه الزمخشري له واشتغاله بحكايته.
قال شهاب الدين (٣) : ولو تأمل ما قاله الزمخشري لم يلمه ولم يتعجب منه ؛ لأن الزمخشري هو الذي شنع على هذا القول غاية التشنيع.
وقال أبو البقاء : والسلسبيل كلمة واحدة. وفي قوله كلمة واحدة تلويح وإيماء إلى هذا الوجه المذكور.
قوله : «ثمّ» هذا ظرف مكان ، وهو مختص بالبعد ، وفي انتصابه وجهان :
أظهرهما : أنه منصوب على الظرف ، ومفعول الرؤية غير مذكور ؛ لأنّ القصد : وإذا صدرت منك رؤية في ذلك المكان رأيت كيت وكيت ، ف «رأيت» الثاني جواب ل «إذا».
وقال الفراء : «ثمّ» مفعولة به ل «رأيت» ، والمعنى : وإذا رأيت ما ثم ، وصلح إضمار «ما» ، كما قال (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] ، يريد : ما بينكم.
قال الزجاج : لا يجوز إضمار «ما».
وقال الفراء : «وإذا رأيت» تقديره : ما ثمّ ، ف «ما» مفعول ، وحذفت «ما» ، وقامت «ثمّ» مقام «ما».
وقال الزمخشري تابعا لأبي إسحاق : ومن قال : معناه : ما ثمّ ، فقد أخطأ ؛ لأن «ثمّ» صلة ل «ما» ولا يجوز إسقاط الموصول ، وترك الصّلة.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٧٢ ، والدر المصون ٦ / ٤٤٦.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٩٠.
(٣) ينظر الدر المصون ٦ / ٤٤٦.