عباس قال : يريد ما ينشر من الكتب ، وأعمال بني آدم (١) ، وروى الضحاك : أنها الصحف تنشر على الله تعالى بأعمال العباد (٢).
وقال الربيع : إنه البعث للقيامة تنشر فيه الأرواح (٣).
وقال تعالى : (وَالنَّاشِراتِ) ـ بالواو ـ لأنه استئناف قسم آخر.
قوله : (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) : هي الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل. قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وأبو صالح (٤).
وروى الضحاك عن ابن عباس ، قال : ما تفرق الملائكة من الأقوات والأرزاق والآجال (٥) ، وروى أنس عن مجاهد قال : «الفارقات» (٦) الرياح تفرق بين السحاب وتبدده.
وروى سعيد عن قتادة قال : (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) ، الفرقان فرق الله بين الحق والباطل والحلال والحرام ، وهو قول الحسن وابن كيسان (٧).
وقيل : هم الرسل فرقوا بين ما أمر الله ـ تعالى ـ به ، ونهى عنه ؛ أي بينوا ذلك.
وقيل : السحابات الماطرة تشبيها بالنّاقة الفارقة ، وهي الحامل التي تخرج وتندّ في الأرض حين تضع ، ونوق فوارق وفرّق.
قوله تعالى : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً). هي الملائكة ، أي : تلقي كتب الله إلى الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ قاله المهدوي.
وقيل : هو جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ وسمي باسم الجمع تعظيما لأنه كان ينزل بها وقيل : المراد الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل عليهم. قاله قطرب.
وقوله تعالى : (ذِكْراً) مفعول به ، ناصبه «الملقيات».
وقرأ العامة : «فالملقيات» ـ بسكون اللام وتخفيف القاف ـ اسم فاعل.
وقرأ ابن عباس (٨) : بفتح اللام وتشديد القاف ، اسم مفعول من التلقية ، وهي إيصال
__________________
(١) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٧٦) والقرطبي (١٩ / ١٠١).
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٨١) عن ابن عباس وأبي صالح.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٠١).
(٦) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٧٦) وينظر المصدر السابق.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٨١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٩٢) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٨) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤١٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٩٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٥٤.