الأمور التي يكون المرجع فيها هو الرأي والنظر (*) ، فكان هذا (١) منصب ولاة الإمام من قبل نفسه. لا أنّه (٢) واجب من قبل الله سبحانه على الفقيه بعد غيبة الإمام ، وإلّا كان المناسب أن يقول : «إنّهم حجج الله عليكم» كما وصفهم في مقام آخر (٣) بأنّهم أمناء الله على الحلال والحرام.
______________________________________________________
(١) أي : كون المرجع في تلك الأمور هو الرأي والنظر منصب ولاة الامام عليهالسلام من قبل نفسه المقدسة.
(٢) يعني : لا أنّ هذا المنصب واجب من قبله سبحانه وتعالى على الفقيه بعد غيبة الإمام عليهالسلام ، وإلّا كان المناسب أن يقول : «إنّهم حجج الله» كما وصفهم الامام بذلك في حديث آخر.
(٣) وهو ما تقدم في (ص ١٥٦) عن تحف العقول ممّا روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أو عن السبط الشهيد عليهالسلام فراجع.
__________________
(*) التعليل بكونهم «حجتي عليكم» يدل على استناد حجية الفقهاء إلى نفسه المقدّسة ، وأنّهم وسائط بينه عليه الصلاة والسلام وبين الخلق ، كما أنّه «عجل الله تعالى فرجه الشريف» واسطة بين الله تعالى شأنه وبين عوالم الوجود كلّها. ولا يستفاد من إضافة حجية الفقهاء إلى نفسه المقدّسة أزيد من ذلك.
وأمّا الأمور التي يرجع فيها إلى الفقهاء فهي تستفاد من عموم الحوادث ، وإطلاق الأمر بالرجوع إليهم. وقد مرّ في بعض التعاليق أنّ الأمور التي يرجع فيها إلى الفقيه هي جميع شؤون الحوادث ، كما أفاده المصنف قدسسره في (ص ١٧٢) بقوله : «بل مطلق الأمور التي لا بدّ من الرجوع فيها عرفا أو عقلا أو شرعا إلى الرئيس».
ثم إنّه لم يظهر منشأ لقوله قدسسره : «فإنّه إنما يناسب الأمور التي يكون المرجع فيها هو الرأي والنظر». فإن كان منشؤه نفس لفظ «الحجة» ففيه : أنّ التفكيك في معناها بين إطلاقها عليه عليهالسلام وإطلاقها على الفقهاء منوط بدليل مفقود ، بل وحدة السياق تقتضي اتحاد المراد منها في كلا الإطلاقين. وإن كان منشؤه إضافة الحجة إلى نفسه المقدسة ، بقوله : «فإنهم حجتي عليكم» ففيه : أنّه يكفي في صحة الإضافة كون الفقهاء وسائط بينه عليهالسلام وبين الخلق ، من دون حاجة إلى التصرف في معنى الحجة.