هو الثالث (١) ، ومن احتمالات «الأحسن» هو الاحتمال الثاني (٢) ، أعني التفضيل المطلق (٣).
وحينئذ فإذا (٤) فرضنا أنّ المصلحة اقتضت بيع مال اليتيم ، فبعناه بعشرة دراهم ، ثمّ فرضنا أنه لا يتفاوت لليتيم إبقاء الدراهم أو جعلها دينارا ، فأراد الوليّ جعلها دينارا ، فلا يجوز ، لأنّ هذا التصرّف (٥) ليس أصلح من تركه ، وإن (٦) كان
______________________________________________________
الثاني أعني به التفضيل المطلق. فالمعنى حينئذ : «لا تتصرّفوا في مال اليتيم بالبيع ونحوه إلّا إذا كان ذلك التصرف أحسن من غيره. سواء أكان ذلك الغير الذي هو المفضّل عليه تركه أم تصرفا آخر» فإذا فرض كون التصرف البيعي أحسن من إبقاء مال اليتيم الذي هو ترك البيع كان إبقاؤه حراما ، إذ المفروض كون بيعه أحسن من غيره ، سواء أكان ذلك الغير إبقاء أم تصرفا كالإجارة والقرض والمضاربة وغيرها.
(١) وهو الذي أفاده في (ص ٢٥٠) بقوله : «الثالث : ما يعدّ تصرّفا عرفا كالاقتراض».
(٢) أي : الاحتمال الثاني من الاحتمالين المتطرقين في الاحتمال الأوّل ، وهو قوله : «ويحتمل أن يراد ظاهره وهو الأحسن مطلقا من تركه ومن غيره من التصرفات».
(٣) وهو أن يكون المفضّل عليه أعم من تركه ومن غيره من الأضداد الوجودية.
(٤) أي : وحين كون القرب بمعنى التصرف وكون الأحسن بمعنى التفضيل المطلق ، فإذا .. إلخ. وغرضه بيان ما يتفرع على الاستظهار من الكلمتين ، وحاصله : أنّه إذا اقتضت المصلحة بيع مال اليتيم ، فبيع بعشرة دراهم ، وفرض عدم التفاوت بحال اليتيم بين إبقاء الدراهم وبين تبديلها بدينار ، وأراد الولي إبدالها بدينار ، لم يجز هذا التبديل ، لأنّه تصرف ليس أصلح من تركه. إذ المفروض عدم التفاوت لليتيم بين الدراهم والدينار.
(٥) وهو جعل الدراهم العشرة دينارا ، وقوله : «لأنّ» تعليل لعدم جواز تبديل الدراهم بدينار ، وقد مرّ تقريبه بقولنا : «لأنّه تصرف وليس أصلح من تركه .. إلخ».
(٦) وصلية ، وكأنّه دفع توهم ، وهو : أنّه إذا كان بيع مال اليتيم بالدينار من أوّل الأمر جائزا ، فلا مانع من جعل مال اليتيم دينارا في المعاملة الثانية أيضا. هذا