هنا (١) أن يسلم نفسه لله ورسوله في الظاهر لا الباطن. بل (٢) قوله تعالى (وَلَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) دلّ على أنّ ما جرى على ألسنتهم من الإقرار بالشهادتين كان إيمانا في خارج القلب.
والحاصل : أنّ الإسلام والإيمان في زمان الآية كانا بمعنى واحد (٣).
وأمّا (٤) ما دلّ على كفر المخالف بواسطة إنكار الولاية ، فهو (٥) لا يقاوم
______________________________________________________
(١) أي : في آية نفي السبيل ، فالإسلام مع عدم اعتقادهم بما أقرّوا به من الشهادتين ظاهريّ لا باطني ، بأن يسلّموا أنفسهم لله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الظاهر وعند الناس ، لا الباطن.
(٢) يعني : بل يطلق الإيمان أيضا على الإسلام الصوري على ما يستفاد من قوله تعالى (وَلَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) حيث إنّ الجاري على ألسنتهم من الشهادتين إيمان في خارج القلب ، كما أنّ الاعتقاد بالشهادتين إيمان في داخل القلب. فكل من المتلبّس بالايمان اللساني والقلبي موضوع لنفي السبيل المذكور في الآية الشريفة ، لكون كل منهما مؤمنا. فالمؤمن في الآية هو المقرّ بالشهادتين سواء أكان إيمانه قلبيا أم لسانيا.
(٣) وهو الإقرار بالشهادتين مطلقا سواء أكان مع الاعتقاد بهما أم بدونه.
(٤) إشارة إلى إشكال ، وهو : أنّ تعميم المسلم للمخالف لكونه مقرّا بالشهادتين ينافي ما دلّ من الروايات على كفر المخالف بسبب إنكاره للولاية كما ذهب إليه جمع (١) استنادا إلى النصوص المستفيضة ، مثل ما رواه ثقة الإسلام بسنده عن مولانا الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام. قال : «إنّ الله عزوجل نصب عليّا عليهالسلام علما بينه وبين خلقه ، فمن عرفه كان مؤمنا ، ومن أنكره كان كافرا ، ومن جهله كان ضالّا ، ومن نصب معه شيئا كان مشركا ، ومن جاء بولايته دخل الجنة» (٢) لظهور كفر المنكر ـ بقرينة مقابلته لضلالة الجاهل ـ في جحود الحقّ عنادا واستكبارا بعد قيام الأدلة عليه في ذلك.
(٥) هذا جواب «أمّا» وجواب الإشكال المذكور ، وحاصله : أنّ تلك الروايات الدالة على كفر المخالفين لا تصلح للمعارضة ولا تقاوم مع ما دلّ على إسلام المخالف
__________________
(١) راجع الحدائق الناضرة ، ج ٥ ، ص ١٧٥ ـ ١٨٨.
(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ٤٣٧ ، كتاب الحجة ، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ، ح ٧.