.................................................................................................
______________________________________________________
لكن لمّا كان المورد من الموارد الثلاثة التي انقلبت فيها أصالة البراءة إلى أصالة الاحتياط ، فلا بدّ من الرجوع إليها ، ومقتضاها اعتبار إذنه عليهالسلام في وجوب الجهاد.
ثم انه على تقدير شرطية إذن الامام عليهالسلام في مشروعية الجهاد حال حضوره ، فهل المراد بالاذن مجرّد الرضا الباطني كما في التصرفات الخارجية كالأكل والشرب واللبس ونحوها؟ أم إنشاء الإذن ، كما في التصرفات الاعتبارية كالإجازة في العقود كبيع الفضولي ، حيث إنّ المعتبر فيه هو إنشاء الإجازة فيه ، وعدم الاكتفاء بمجرّد الرضا الباطني كما قرر في محلّه ، حتى يعدّ ولاة الجهاد والغزاة منصوبين من قبل الإمام عليهالسلام.
مقتضى بعض النصوص هو الأوّل ، كما في رواية الخصال عن أبي جعفر عليهالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّ القائم بعد صاحبه ـ يعني عمر ـ كان يشاورني في موارد الأمور ومصادرها ، فيصدرها عن أمري ، ويناظرني في غوامضها ، فيمضيها عن رأيي» (١).
فإنّ ظاهره ـ كما قيل ـ كفاية رضا الامام عليهالسلام في مشروعية الجهاد الذي يترتّب عليه الآثار من كون الأرض المأخوذة بهذا القتال خراجية ، وعدم توقف اتصافها بالخراجية على إنشاء الإذن والأمر بالجهاد ، بحيث يكون هو وليّ أمر الجهاد وناصبا لغزاته. ويشهد بذلك النصوص الدالة على «أنّ أرض السواد للمسلمين» مع بداهة أنّ فاتحها لم يكن منصوبا من ناحية المعصوم عليهالسلام ، ولا مأمورا من قبله عليهالسلام ، هذا.
لكن الإنصاف ظهور قوله عليهالسلام : «فيصدرها عن أمري» في الأمر الحقيقي ، لا مجرّد الاذن ، حتى يقال بعدم كفاية مجرّد الإذن في مشروعية الجهاد ، وترتيب آثاره من صيرورة الأرض المغنومة بهذا الجهاد خراجية ، هذا.
ثم إنّه وقع الكلام في اعتبار العمران حال الفتح في خراجية الأراضي المفتوحة عنوة بحيث لو كانت مواتا حال الفتح لم تكن خراجية وكانت من الأنفال المختصة بالإمام عليهالسلام يظهر من الشرائع أنّ الموات حال الفتح للإمام عليهالسلام خاصة ، ولا يجوز إحياؤه إلّا بإذنه إن كان موجودا. ولو تصرف فيها من غير إذنه كان على المتصرف طسقها ، ويملكها المحيي عند عدمه (٢) أي غيبة الإمام عليهالسلام.
__________________
(١) الخصال ، ج ٢ ، ص ١٣٥ ، باب السبعة ، ح ٤٥.
(٢) شرائع الإسلام ، ج ١ ، ص ٣٢٢.