.................................................................................................
______________________________________________________
والملكية الحاصلة من أيّ سبب وإن كانت حقيقة واحدة ، إلّا أنّ حكمها يختلف في الوقف عمّا عداه من جهة حكم الشارع بعدم الانتقال عن موضوعها وهو الموقوف عليه.
ويترتب على هذا الاحتمال بقاء الوقف على ما كان عليه بعد عروض مسوّغ بيعه ، إذ لا منافاة بين قصر ملكية العين أو اختصاصها ، وبين جواز النقل ، لعدم كون المنع من التصرف مأخوذا في حقيقة الوقف.
نعم تتحقق المنافاة بين حكمين ، وهما جواز البيع بعد طروء السبب ، وبين حرمته التي كانت قبله. وهي توجب انقلاب لزوم الوقف إلى الجواز ، لا الصحة إلى البطلان.
ولعلّ هذا مبنى ما سيأتي من المصنف بقوله : «ثم إن جواز البيع لا ينافي بقاء الوقف ..» فانتظر.
وكيف كان فاختار المحقق الأصفهاني قدسسره الاحتمال الثاني ، لما في كون الحبس منعا من التصرف الناقل من محذور ، سواء أريد به المنع المالكي أم الشرعي ، تكليفيا أم وضعيا.
وحيث إنّ المناط ملاحظة إنشاء الواقف ، لفرض كون الأدلة الشرعية إمضاء له بمعنى جعل المماثل ، فالأولى الاقتصار على توضيح استدلاله بوجهين على عدم كون الحبس منعا عن التصرفات ، وسلامة كلامه عمّا أورد عليه. فنقول وبه نستعين :
الوجه الأوّل : أنّ منع الغير عن التصرف في العين وإن كان قابلا للإنشاء كإنشاء الإباحة ، إلّا أنه لكونه من الإيقاعات القائمة بطرف واحد لا يعقل أن يتوقف وجوده في موطن الاعتبار على قبول الغير. مع أنّه لا شبهة في قابلية إنشاء الوقف للقبول ، بل المعروف اعتباره سيّما في الوقف الخاص.
ففي الجواهر بعد تقوية اعتبار القبول في الوقف مطلقا : «فالوحدة المزبورة حينئذ تقتضي اعتباره أيضا» (١). فالمقصود أن الوقف من سنخ المعاني القابلة للحوق القبول به ، سواء قيل بدخله فيه أم لا ، فهو كالوصية القابلة للرد والإمضاء. مع أنّ المنع المالكي إيقاع كترخيصه.
الوجه الثاني : أنّ المنع المالكي إن أريد به ممنوعية الموقوف عليه عن بيع الوقف ونقله إلى الغير ، ففيه : أنّه لا يتصور هذا المنع إلّا في ظرف بقاء العين على ملك المانع ، إذ لا معنى
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٨ ، ص ٦ و ٧.