.................................................................................................
______________________________________________________
للمنع عمّا هو أجنبي عنه ولا مساس له به ، مع أنّ خروج العين عن ملك الواقف مما لا كلام فيه.
وإن أريد به ممنوعية نفسه عن التصرف ، ففيه : أنّ معناه التزامه بعدم تصرفه في العين بعد إنشاء الوقف ، وأمّا ممنوعية الموقوف عليه فلا موجب لها ، فإنّ نفوذ الوقف شرعا معناه أنّ للشارع اعتبارا مماثلا لما أنشأه الواقف.
هذا توضيح ما أفاده قدسسره في منع كون الحبس منعا عن التصرف الناقل. ولا يتجه شيء ممّا ذكر على جعل الحبس بمعنى كون الملكية ـ في مورد قابلية الموقوف عليه للتملك ـ مقصورة على أشخاص أو عنوان ، أو اختصاصها مقصورا على جهة أو فعل كما في وقف مال للصرف في الإحجاج أو الإرسال إلى زيارة المشاهد المقدّسة. قال قدسسره : «ومرجع قصر العين ملكا أو اختصاصا قصر ملكيتها على شخص ، المساوق لعدم زوالها عنه ، لا أنّ المنشأ والمتسبّب إليه نفس اعتبار الملكية ، فإنّه غير مناسب لمفهوم الوقف» (١).
إلّا أن يناقش في الوجه الثاني بما أفيد من «أنّ إيقاع المنع وإنشاءه يكون في زمان مالكيته. فلو كان الحبس هي الممنوعية لكان حصول الممنوعية وخروج العين عن ملكه بإنشائها في زمان مالكيته. ولا يعتبر في جعل المالك وتصرفه في ملكه إلّا كونه ملكا له حال التصرف. نظير الشرائط في ضمن العقد. فلو شرط على المشتري عدم بيعه أو شرط إجارته في رأس السنة الآتية صحّ وإن لم يكن ملكا له في رأسها ، وهو واضح» (٢). هذا.
فإن كان المنع المالكي نظير باب الشرط الضمني الذي يكفي فيه الملك حين الشرط وإن زالت العلقة بعده فالأمر كما أفيد. وإن كان المنع والترخيص المالكيّان دائرين مدار الملك حدوثا وبقاء ـ أي يلزم بقاء الإضافة حين التصرف ـ لم يتجه تنظير إنشاء الواقف ـ بناء كون الحبس منعا عن التصرف الناقل ـ بباب الشرط الضمني ، والمسألة محتاجة إلى مزيد التأمّل.
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٢٥٣ و ٢٥٤.
(٢) كتاب البيع ، ج ٣ ، ص ٨٠.