حقّ الواقف ، حيث جعلها (١) بمقتضى صيغة الوقف صدقة جارية ينتفع بها. وحقّ البطون المتأخّرة عن بطن (٢) البائع. والتعبّد (٣) الشرعي المكشوف عنه بالروايات ، فإنّ الوقف متعلّق لحقّ الله ، حيث يعتبر فيه (٤) التقرّب ، ويكون لله تعالى عمله
______________________________________________________
للمتصدق عليه ثانيا.
وعليه فالتصرف في الوقف تصرف في ما للغير ، وهو ممنوع.
وأن يراد به ما ورد في بعض النصوص من قوله عليهالسلام : «إنما الصدقة لله عزوجل ، فما جعل لله عزوجل فلا رجعة له فيه» (١) إذ المستفاد منه أنّ له تعالى حقّا في الصدقات ، فما كان صدقة حدوثا فهي صدقة بقاء ، ولا رجوع فيها. وكما لا معنى لرجوع المتصدق فكذا لا يجوز بيعها ولا هبتها ، لمنافاة ذلك كله لتعلق حقّ الخالق به.
وأما حقّ الواقف فلأنّ غرضه من الوقف بقاء العين الموقوفة لينتفع بها الموقوف عليه مادّيّا لينتفع هو بالمثوبة المعنوية. ومن المعلوم أنّ بيع الوقف يوجب انقطاع الفيض الإلهي بانتفاء موضوعه.
وأمّا حق الموقوف عليه فلأنّ العين حبست لتدرّ على البطن الموجود والبطون اللاحقة على السواء ، فلو باعها البطن الموجود كان إزالة لحقّ الطبقات المتأخرة ، وهو غير جائز.
(١) أي : جعل العين الموقوفة صدقة جارية ، فمرجع الضمير حكمي ، أو معنوي باعتبار ذكر «الوقف».
(٢) كذا في نسختنا وجملة من النسخ ، والأولى تعريف «بطن» ليكون «البائع» صفة له ، أي البطن الموجود البائع ، فإنّ بيعه تضييع لحقّ البطون المعدومة فعلا.
(٣) يعني : أنّ التعبد الشرعي يدلّ على تعلق حقّ الخالق بالعين الموقوفة ـ مع الغضّ عن حقّ المخلوق من الواقف والموقوف عليه ـ وهذا حقّ ثالث ينشأ من دلالة النص على اعتبار القربة في الوقف ، لكونه من الصدقة المتقومة بابتغاء وجهه تعالى ، ففي معتبرة حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام : «قال : لا صدقة ولا عتق إلّا ما أريد به وجه الله عزوجل» (٢).
(٤) أي : يعتبر في الوقف التقرب ، لكونه مندرجا في عنوان «الصدقة» المتقومة
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٣١٦ ، الباب ١١ من أحكام الوقوف والصدقات ، ح ١.
(٢) المصدر ، ص ٣١٩ ، الباب ١٣ ، ح ٢.