.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : إمضاء الشارع له بمثل «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» كإمضاء ما أنشأه المتبايعان بمثل آية حلّ البيع. فدليل إمضاء الوقف ـ لولا المنافي ـ يقتضي لزومه وعدم جواز فسخه أصلا بطروء الأسباب والعوارض.
لكن لا ريب في تجويز بيع الوقف شرعا ، وهذا الجواز ينافي بقاء العين على صفة الوقفية ، لتضادّ ذلك المنع المالكي ـ الممضى شرعا ـ لجواز البيع.
وهذا التضادّ يوجب تخصيص دليل لزوم الوقف ، ونتيجته الحكم ببقاء عنوان الوقف بعد عروض المجوّز ، وإنّما يبطل بالبيع خارجا.
وهذا نظير تقييد سلطنة المتهب على ما انتقل إليه ـ المقتضية لحرمة انتزاع العين من يده إلّا بإذنه ـ بما دلّ على جواز رجوع الواهب ، فكما أنّ هذا الدليل غير مناف لحقيقة الهبة ، فكذا دليل جواز بيع الوقف لا يضادّ صحّته.
فإن قلت : مقتضى تضادّ جواز البيع والحبس ـ عن النقل والانتقال ـ بطلان الوقف بنفس عروض المسوّغ ، لا بقاؤه على الوقفيّة حتى يبطل بإيجاد البيع ، لكون التنافي بين اعتبارين ، وهما اعتبار محبوسية العين عن النقل وبين اعتبار جوازه.
قلت : نعم ، لا ريب في التضادّ المزبور ، إلّا أنّه موقوف على كون المجعول الشرعي عند طروء المسوّغ هو جواز البيع بنفسه وبعنوان أنّه بيع مشروع حتى يبطل الوقف بمجرّد ترخيص النقل. مع أنّ الأمر ليس كذلك ، لكون المقصود من جواز البيع جواز إبطال الوقف إمّا إلى بدل بأن يتصف ذلك البدل بالوقفية ويحلّ محلّ المبدل ، وإمّا لا إلى بدل كما في مورد شدّة الحاجة إلى صرف الثمن وإتلافه. ومن المعلوم أنّ جواز الإبطال ليس مبطلا ، بل المبطل هو ذلك التصرف والنقل الخارجي.
إلّا أن يقال : إن إبطال الوقف يكون من جملة التصرفات التي حبس العين عنها حين إنشاء الوقف وأمضاه الشارع ، فتجويز الإبطال ينافي حقيقة الوقف الذي هو حبس العين عن الحركة الاعتبارية.
لكنه يندفع بامتناع دخول الإبطال في جملة التصرفات المحبوسة عنها العين ، ووجه