الدوام والمنع عن المعاوضة عليه (١) ، إلّا أنّه (٢) قد يعرض ما يجوّز مخالفة هذا الإنشاء. كما أنّ مقتضى العقد الجائز كالهبة (٣) تمليك المتّهب المقتضي
______________________________________________________
آنفا بقولنا : «إنّ في الوقف كسائر الأمور الإنشائية».
(١) يعني : بلحاظ إنشاء الواقف. وغرض المصنف قدسسره تثبيت مختاره ـ من أنّ جواز البيع لا يبطل الوقف ـ حتى بملاحظة مبنى صاحب الجواهر من كون مفهوم الوقف «تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة» سواء أخذ قيد الدوام فيه مقام الإنشاء ، بأن يقول : «هذه الدار موقوفة دائما وأبدا» أم لم يؤخذ فيه ذلك. فعلى كلّ منهما يكون المنع من البيع ملحوظا في إنشاء الواقف. وأمّا إمضاء الشارع فقد يكون مماثلا له ، وقد يكون مغايرا له.
(٢) خبر «فإنّ مدلول» والضمير للشأن ، وهذا متعلّق ب «وإن أخذ» يعني : لا يلزم أن يكون المنع الشرعي عن التصرّف مماثلا للمنع المالكي ، بل يغايره عند طروء الحالة المجوّزة للبيع.
(٣) غرضه بيان نظير للوقف الذي يجوز إبطاله بعروض بعض الأسباب ، يعني : أنّ عقد الهبة لا يقتضي إلّا مجرّد التمليك الذي حكمه الشرعي التسلّط على العين الموهوبة. كما أنّ حكمه شرعا جواز انتزاع الموهوبة عن يد المتّهب. فكما أنّ جواز الرجوع في الهبة حكم شرعيّ ، فكذلك عدم جواز البيع في الوقف ، فإنّه حكم شرعي للوقف لا مقوّم لمفهومه.
__________________
وهذا بخلاف قوله في صدر العبارة : «لا ينافي بقاء» فإنّه ناظر إلى الحكم الشرعي ، وأنّ تجويز البيع مخصّص لدليل لزوم الوقف ، وعليه فلا تهافت بين العبارتين.
هذا مضافا إلى أنّ قوله : «فإنّ مدلول صيغة الوقف» ناظر إلى مبنى القائل بأنّ حقيقة الوقف هي الحبس عن التصرفات الاعتباريّة أبدا. وسيأتي من المصنف أنّ الوقف الخاص قسم من التمليك. وبناء عليه ليس المنع من البيع ملحوظا في الوقف أصلا ، هذا. ويبقى الجمع بينه وبين ما تقدّم من كون الصفة فصلا للنوع.