وأخذ أجرته ممّن انتفع به بغير حقّ (١).
والثاني : ما لا يكون ملكا لأحد (٢) ، بل يكون فكّ ملك نظير التحرير ، كما في المساجد (٣) والمدارس والرّبط ، بناء (٤) على القول بعدم دخولها في ملك المسلمين ،
______________________________________________________
(١) يعني : أنّ الانتفاع به بغير حقّ يوجب الضمان الذي هو كاشف عن الملكية ، وإلّا لم يكن ضمان ، كما في التصرف في المساجد ونحوها من الأوقاف التي تكون من التحرير.
(٢) يعني : كما أنّ تحرير العبد والأمة فكّ رقبتهما عن طوق الرقية والمملوكية ، فكذلك وقف المسجد معناه تحرير العرصة والبناء عن إضافتهما إلى المالك ، وعدم انتقال الإضافة إلى غيره ، فالمصلّون والعابدون في المساجد غير مالكين للعين ولا للمنفعة ، بل لهم حقّ الانتفاع بالصلاة والعبادة فيه. وكذلك الحال في المشاعر المشرّفة.
(٣) الظاهر أنّ الخروج عن ملك الواقف وعدم دخوله في ملك غيره مجمع عليه في المسجد. قال العلامة قدسسره : «أمّا إذا جعل البقعة مسجدا أو مقبرة فهو فكّ عن الملك كتحرير الرقيق ، فتنقطع عنه اختصاصات الآدميين» (١).
وقال المحقق الشوشتري قدسسره : «ان كل وقف عامّ كان الغرض من وقفه تمليك الانتفاع للموقوف عليهم ـ دون العين أو منافعها ـ فلا يصحّ بيعه ما دام وقفا بوجه من الوجوه. وقد أجمع الأصحاب على ذلك في المسجد .. وكذلك المشهد والمقابر المبنية إذا خربت ، والمدارس والخانات والقناطر الموقوفة على الطريقة المعروفة ، والكتب الموقوفة على المنتفعين ، والعبد المحبوس على خدمة الكعبة ونحوها ، والأشجار الموقوفة لانتفاع المارّة ، والبواري الموضوعة لصلاة المصلّين ، وغير ذلك ممّا قصد بوقفه الانتفاع العام لجميع الناس أو للمسلمين ونحوهم من غير المحصورين ، لا تحصيل المنافع بالإجارة ..» (٢).
(٤) الظاهر أنّه قيد للمدارس والرّبط ، لا للمساجد ، قال المحقق الثاني قدسسره : «ويمكن أن يكون إفراد المصنف المسجد بحكم ليس لأنّ الملك فيه ليس على نهج ما اختاره في الوقف على الجهات العامة ، لأنّ كلّا منهما الملك فيه لله تعالى. بل لأنّ حكم المسجد والمقبرة متفق عليه. وأمّا الحكم في الجهات العامة فمختلف فيه» (٣).
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٤٤٠ ، س.١٧
(٢) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٣ و ٦٤.
(٣) جامع المقاصد ، ج ٩ ، ص ٦٥.