ولا يتعلّق (١) عليهم اجرة.
______________________________________________________
(١) أي : لا يكون المنتفع ضامنا لاجرة ما استوفاه من المنفعة ، لأنّ الضمان تابع للتصرف في مال الغير عينا أو منفعة ، والمفروض أنّ الثابت في مثل وقف المسجد حلّية الانتفاع في الجهة المقصودة ، لا ملك المنفعة حتى تضمن ـ بأجرة المثل ـ لسائر المسلمين.
هذا تمام ما يتعلق بكلام كاشف الغطاء قدسسره.
__________________
والأوقاف العامة الواقعة في الشوارع المستحدثة قهرا بأمر الحكومات الإسلامية وغيرها ، فنقول وبه نستعين :
ينبغي الكلام في مقامين ، أحدهما في المساجد ، وثانيهما : في سائر الموقوفات.
أما المقام الأوّل ، فملخّص الكلام فيه : أنّ المعروف بين الأصحاب ـ بل الظاهر عدم الخلاف بينهم ـ في عدم بطلان المسجدية بالخراب ، وإن حكي عن بعض العامة رجوعه بعد الخراب إلى ملك الواقف قياسا على كفن الميت الذي أخذه السّيل ، لرجوع كفنه حينئذ إلى ملك الوارث أو غيره ممّن بذله له.
لكنّه قياس مع الفارق ، حيث إنّ بذل الكفن حكم تكليفي منوط ببقاء موضوعه أعني به الميت. فإذا ذهب الموضوع بالحرق أو الغرق أو غيرهما يسقط هذا التكليف. وهذا بخلاف المسجدية ، فإنّها من الوضعيات الثابتة لنفس الأرض الباقية وإن زالت آثارها وأبنيتها ، لأنّ المسجدية كالملكية من الأمور الاعتبارية القائمة بنفس الأرض ، ولا تنفكّ عنها بالخراب ، إذ المسجدية كالملكية من الاعتباريات التي لها في حدّ ذاتها بقاء واستمرار ، فلا ترتفع إلّا برافع ، إذ لا يكون الشك في بقائها لأجل الشك في مقتضيها. فإذا شكّ فيها جرى فيها الاستصحاب بلا كلام.
ولكن لا تصل النوبة إلى الاستصحاب بعد كشف السيرة عن كون المسجدية كالحرية غير قابلة للزوال. فالشكّ في بقاء المسجدية من ناحية الشكّ في الرافع غير متصوّر أيضا.
ويدلّ على ذلك السيرة القطعية القائمة على بقاء أحكام المسجدية للمساجد الخربة التي لم يبق لها آثار أصلا ، فإنّ هذه السيرة تكشف عن كون المسجدية من الاعتبارات والعناوين القائمة بنفس الأرض ، وأنّ وقف أرض مسجدا غير وقفها مدرسة أو مكانا للزّوّار