.................................................................................................
______________________________________________________
المبنية في موات المفتوحة عنوة. وأمّا في المبنية منها في معمورتها فالسيرة فيها غير ثابتة. فدعوى بطلان مسجديتها بذهاب الآثار في غاية القرب.
وممّا ذكرنا من عدم زوال عنوان المسجدية باندراس الآثار يظهر بقاء جميع الأحكام الثابتة لعنوان المسجد حين وجود الأبنية ، وعدم ارتفاعها باندراس الآثار ، لما مرّ من أنّ عنوان المسجدية من الاعتباريات التي لا تزول بزوال الآثار ، لقيامها بنفس الأرض ، من دون دخل للآثار في مسجديتها. بل المسجد إمّا معمور وإما مغمور ، بلا مساس للعمارة في طروء المسجدية للأرض ، فليس العمران مقوّما لعنوان المسجدية ولا شرطا له.
ومن هنا يظهر أنّ نظر العرف في ذهاب عنوان المسجدية العرفية بذهاب الآثار ليس متّبعا في ترتيب الأحكام الشرعية الثابتة للمسجد ، إذ الموضوع هو ما عرفت ممّا استفيد من السيرة القطعية القائمة على بقاء أحكام المسجدية على نفس الأرض ولو بعد زوال جميع الآثار والأبنية ، إذ السيرة تكشف عن عدم إحالة الشارع تمييز مفهوم المسجد إلى العرف حتى يكون نظرهم في ذلك متّبعا شرعا.
فاتّضح من جميع ما ذكرنا عدم الوجه في التفكيك بين الآثار الشرعية ، كما يظهر من العروة الوثقى ، حيث قال : «مسألة : إذا تغيّر عنوان المسجد بأن غصب وجعل دارا ، أو صار خرابا بحيث لا يمكن تعميره ولا الصلاة فيه ، وقلنا بجواز جعله مكانا للزرع ، ففي جواز تنجيسه وعدم وجوب تطهيره كما قيل إشكال. والأظهر عدم جواز الأوّل ، بل وجوب الثاني أيضا» (١).
وقال شيخ مشايخنا المحقق النائيني قدسسره في حاشيته على هذه العبارة ما لفظه : «إذا خرج عنوان المسجدية وبطل رسمه بالكلية ، فالأظهر عدم وجوب تطهيره ، وإن كان جواز التنجيس لا يخلو عن إشكال» (٢).
وعبارة العروة المتقدمة وإن كان ظهورها البدوي في التفكيك بين الحكمين لا ينكر ،
__________________
(١) العروة الوثقى ، كتاب الطهارة ، أحكام النجاسات ، فصل اشتراط الصلاة بإزالة النجاسة عن الثوب والبدن ، المسألة ١٣.
(٢) تعليقة العروة ، ص ٩ ، طبعة عام ١٣٤٠ (الحجرية).