.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أنّ قوله قدسسره في المسألة العاشرة من ذلك الفصل : «لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خرابا وإن لم يصلّ فيه أحد ، ويجب تطهيره إذا تنجيس» قرينة على عدم التفكيك بين وجود التطهير وحرمة التنجيس ، هذا.
مضافا إلى : أنّ نفس العبارة ظاهرة بعد التأمل اليسير في الملازمة بين الحكمين ، غاية الأمر أنه قدسسره نبّه على أن في المسألة إشكالا عند بعض الأصحاب. فغرض صاحب العروة التنبيه على القول بالتفكيك ، لا أنّه يلتزم ويقول به.
فالحري حينئذ التعرض للمنشإ الاشكال. ولعلّه ملاحظة أنّ المسجدية وإن كانت من قبيل الملكات ، إلّا أنّ صدقها منوط بالإعداد للصلاة وغيرها من العبادات ، كالمفتاح ، فإنّ صدقه على حديد مثلا منوط بكونه معدّا للفتح ، وبدونه لا يصدق عنوان المفتاح عليه. نعم لا يتوقف صدقة على التلبس الفعلي الخارجي بالمبدء ، كما هو الشأن في سائر المبادي التي تكون من الملكات ، لكفاية إعدادها في الصدق المزبور. هذا.
وقد عرفت أنّ المسجدية الموضوعة للأحكام الخاصة الشرعية المستفادة من السيرة المتقدمة لا يعتبر فيها الإعداد للصلاة أو غيرها ، وإن حكم العرف باعتبار إعداد الأرض للصلاة في المسجدية العرفية.
لكن الرجوع إلى العرف في تشخيص موضوع الحكم الشرعي على ما هو قضية الإطلاق المقامي منوط بعدم بيان الشارع صريحا أو التزاما لتحديد موضوع حكمه كما في المقام ، إذ السيرة القائمة على ترتب أحكام المسجد على المعمورة والمغمورة تدلّ التزاما على كون المسجدية التي جعلت موضوعا لأحكام خاصّة عبارة عمّا لا ينفكّ عن الأرض ولو بعد الخراب ، ولذا تكون المسجدية من قبيل التحرير.
فالمتحصّل : أن عبارة السيد قدسسره في كتاب الطهارة ظاهرة في بقاء حكم المسجد بعد خرابه أو غصبه. لكنه ذهب في كتاب الوقف إلى سقوط عنوان المسجد باندراس أثره ، أو باستيلاء جائر عليه ، وجعله دارا ونحوها. فإنه قدسسره وإن حكم بدوا بعدم خروج العرصة عن المسجدية إذا خرب البناء ، وبحرمة بيعها وحرمة تنجيسها مع إمكان الصلاة فيها للمارّة