فهذا يجوز للناظر بيعه مع المصلحة ولو لم يخرج عن حيّز الانتفاع ، بل (١) كان جديدا غير مستعمل ، وبين (٢) ما يكون من الأموال وقفا (٣) على المسجد كالحصير الذي يشتريه الرجل ويضعه في المسجد. والثوب الذي يلبس البيت ، فمثل هذا يكون ملكا للمسلمين لا يجوز لهم تغييره عن وضعه إلّا في مواضع يسوغ فيها بيع الوقف.
______________________________________________________
بعينه في المسجد بالصلاة ونحوها من الأمور العبادية ، فلا يجوز للمتولّي بيعه إلّا بطروء المسوّغ. وهذا بخلاف شراء حصير من عوائد موقوفة كالبستان ، فإنّ الحصير لم ينشأ وقفيته من قبل واقف البستان ، وإنّما صار وقفا من جهة ابتياعه بغلّة الموقوفة.
ومن المعلوم أنّ دليل المنع عن بيع الوقف وشرائه كقوله عليهالسلام : «لا تباع ولا توهب ، ولا يجوز شراء الوقف» مختص بما ورد عليه الوقف ، وليس فيه دلالة على المنع عن بيع ما اشترى بعائدات الوقف. فحكم هذا الحصير حكم سائر ما يحصل من البستان من جواز صرف أعيانها في المسجد ، وجواز تبديلها بما هو أصلح بحاله.
قال الشهيد الثاني قدسسره : «ولو لم يكن أصله موقوفا ، بل اشتري للمسجد مثلا ، أو بذله له باذل صحّ للناظر بيعه مطلقا ، مع المصلحة» (١).
(١) يعني : فلا يدور جواز بيعها مدار خروجها عن حيّز الانتفاع بها ، بل المدار فيه نظر المتولّي ، وكون البيع أكثر نفعا للمسجد.
(٢) معطوف على «بين» وهذا هو القسم الثاني الذي ينشأ فيه وقفيته على الجهة ، ولا يجوز تبديله.
(٣) أي : ما يكون من الأموال وقفا على المسجد ابتداء ـ لا باشترائه من مال المسجد ـ يكون ملكا للمسلمين محبوس بعينه عليهم ، فلا يجوز بيعه إلّا في موضع يسوغ فيه بيع الوقف كصيرورته خلقا ، أو عدم الانتفاع به من جهة أخرى.
هذا كله ما يتعلق بردّ التنافي بين منع بيع الوقف التحريري ، وبين جواز بيع الحصير وثوب البيت المعظّم. وسيأتي بيان الفارق بينهما بعد اشتراك كليهما في جواز
__________________
(١) الروضة البهية ، ج ٣ ، ص ٢٥٤ ، ولاحظ مقابس الأنوار أيضا ، كتاب البيع ، ص ٦٣.