ثمّ الفرق بين ثوب الكعبة وحصير المسجد (١) أنّ الحصير يتصوّر فيه كونه وقفا على المسلمين (٢) ، ولكن يضعه في المسجد ، لأنّه أحد وجوه انتفاعهم ، كالماء المسبّل الموضوع في المسجد. فإذا خرب المسجد أو استغني عنه جاز الانتفاع به ولو في مسجد آخر ، بل يمكن الانتفاع به (٣) في غيره ولو مع حاجته.
لكن يبقى الكلام في مورد الشكّ (٤) ، مثل ما إذا فرض حصيرا في المسجد ، أو
______________________________________________________
البيع في الجملة.
(١) حاصله : أنّ الفرق بينهما في صورة وقفهما بأن يقفهما شخص من ماله على الكعبة والمسجد ـ لا في صورة اشترائهما من عائدات أوقاف المسجد ، حيث إنّ الثوب والحصير حينئذ ليسا موقوفين ، بل الموقوف أصول تلك العائدات ـ هو : أنّ الحصر توقف على المسلمين بحيث ينتفعون بها في وجوه الانتفاع ، ووضعها في المسجد لأجل كونه أحد وجوه انتفاعهم ، كالماء المسبّل الموضوع في المسجد. وهذا بخلاف ثوب الكعبة ، فإنّه موقوف على جهة خاصة وانتفاع مخصوص ، هذا.
ولا يخفى أنّ هذا بحسب المتعارف ، وإلّا فيمكن في ثوب الكعبة ما ذكرناه في حصير المسجد أيضا.
(٢) فإذا كان وقفا على المسلمين جاز الانتفاع به في مطلق المسجد ، فوضعه في مسجد خاص كالجامع أو السوق ليس لخصوصية بنظر الواقف ، بل لانطباق الانتفاع في الجهة المقصودة عليه. وهذا نظير الماء المسبّل ، فإنّ مقصود المسبّل سقيه للمؤمنين والمصلّين سواء أكانوا في هذا المسجد أم في غيره. فوضع حبّ الماء مثلا في مسجد ليس قرينة على أنّ تمام المطلوب هو تسبيل الماء لمن حضر في خصوص هذا المسجد دون غيره.
وعليه فإذا خرب المسجد ، أو فرش فيه سجاد ـ بحيث لم يحتج إلى هذا الحصير الموقوف ـ لزم نقله إلى مسجد آخر لينتفع به. بل يجوز نقله في الفرض إلى مسجد آخر حتى مع حاجة المسجد السابق ، لعدم تقييد وقف الحصير بوضعه في مسجد خاص.
(٣) أي : الانتفاع بالحصير في غير المسجد الأوّل حتى مع حاجته إليه.
(٤) يعني : ما إذا لم يعلم تقيّد وقف الحصير بمسجد خاصّ ، ولا عدم تقيده به ، بأن