.................................................................................................
______________________________________________________
وتوضيح المطلب : أنّ الاعتداء على الوقف تارة يكون بإعدامه كهدم تمام بناء المسجد ، وجعله قاعا صفصفا ، وتغيير تراب أرضه ، وأعدادهما لإحداث بناء آخر ، أو للزرع فيها ، أو هدم بعض بيوت المسجد ، وإبقاء بعضها. وكذا الحال بالنسبة إلى الخان والمدرسة والقنطرة كلّا أو بعضا.
واخرى يكون بالتصرف فيه واستيفاء منفعته في غير الجهة المقصودة للواقف ، كما إذا سكن الظالم بنفسه في المدرسة ، أو أسكن عمّاله فيها بعد إخراج المشتغلين منها. وكذا الحال في التصرف العدواني على غيرها كالمسجد والخان والرباط.
وثالثة يكون بتفويت منافع الوقف ، كما إذا أغلق الظالم باب المسجد ، ومنع المؤمنين من الصلاة والعبادة فيه ، ولم ينتفع هو أيضا به. وكذا لو أخرج الطّلاب من المدرسة ولم يسكن أحدا فيها ، بل سدّ بابها.
ومحلّ البحث هنا في الضمان وعدمه هو الأوّل أي : إتلاف عين الموقوفة كلّا أو بعضا.
وأمّا الثاني ـ وهو استيفاء المنفعة ـ فقد تقدم في (ص ٥٧٥) حكمه ، وهو عدم الضمان ، حيث قال : «فإنّ الموقوف عليهم إنّما يملكون الانتفاع دون المنفعة ، فلو سكنه أحد بغير حقّ فالظاهر أنّه ليس عليه اجرة المثل».
ومنه يظهر عدم الضمان في الفرض الثالث ، وهو تفويت منفعة الموقوفة.
فالكلام فعلا في الإتلاف ، وفي الضمان احتمالان.
أحدهما : ذلك ، لعموم «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» بتقريب : أنّ المناط في الضمان واشتغال الذمة هو كون اليد عدوانية ، والمال محترما ، وهما متحققان في المقام.
أما كون اليد معتدية ، فلعدم جواز تغيير الموقوفة عن الكيفية التي أنشأها الواقف ، وأمضاه الشارع بمثل قوله عليهالسلام : «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها» فضلا عن الهدم والإتلاف.
وأمّا كون المال محترما فواضح ، إذ ليس الوقف من المباحات الأصلية حتى لا يضمن ، بل هو أكثر حرمة من جهة تعلق حقّه تعالى به.
وعليه فعهدة المتلف مشغولة ببدل ما أتلفه ، ويجب عليه أداء قيمته ليصرف