والأقوى جواز بيعه (١) ، وفاقا لمن عرفت ممّن تقدّم نقل كلماتهم (٢) ،
______________________________________________________
حيّز الانتفاع به حقيقة. وكذا الحال في الجذع البالي والحصير الخلق.
(١) هذا شروع في إقامة الدليل على الخروج من عموم منع بيع الوقف ، وقد تقدم أنّ جواز بيع الوقف بنظر المصنف قدسسره حكم تعبّدي لا ينافي حقيقته ، ولا يوجب بطلانه. وتقدّم أيضا في جملة الأقوال المنقولة في المتن استثناء صورة خرابه من عموم المنع ، فالقول بجواز البيع في هذه الصورة لا يخالف المشهور ، وإن حكي المنع عن جماعة ، قال في المقابس في عدّ الأقوال : «أحدها : المنع مطلقا ، وهو قول المانعين مطلقا ، والقاضي والشيخ في النهاية وابن سعيد والطوسي» (١).
وأمّا الدليل على جواز البيع ، فالظاهر عدم نهوض ما يجوّزه في خصوص حال الخراب ، فالمقصود النظر في ما تقتضيه القاعدة ، فنقول : اقتصر في المتن هنا على نفي المانع ، أي : قصور ما احتجّوا به على عدم جواز بيع الوقف. وسيأتي تفصيله.
وحيث إنّ إثبات جواز البيع منوط بوجود المقتضي وفقد المانع ، فلا بدّ من بيان المقتضي أوّلا ، ثم إبطال وجوه المنع. ولم يظهر مراد الماتن قدسسره من المقتضي لجواز البيع ، وهو لا يخلو من أحد وجهين.
الأوّل : أن يكون مراده هو المقتضي في كلّ من مقام الثبوت والإثبات. أمّا المقتضي الثبوتي فهو الملك ، لفرض كون العين الموقوفة ملكا للموقوف عليهم ، فصغرى «لا بيع إلّا في ملك» محقّقة. وأمّا المقتضي الإثباتي فهو إطلاق حلّ البيع ، والأمر بالوفاء بالعقود ، والتجارة عن تراض.
الثاني : أن يكون مراده خصوص المقتضي الثبوتي ، وهو ما سيأتي في (ص ٦١٩) بقوله : «والحاصل : أن الأمر دائر بين تعطيله .. إلخ».
وكيف كان فالمقصود فعلا عدم شمول الأدلة المانعة ـ وهي ثلاثة ـ للمقام ، كما سيظهر.
(٢) كالمفيد والسيّد والعلّامة في التذكرة قدسسرهم ، حيث عبّروا بالخراب ، وكسلّار القائل بأنّه «لو تغيّر الحال في الوقف حتى لا ينتفع به» وكالسيّد أبي المكارم المجوّز للبيع
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٢.