وأمّا قوله عليهالسلام : «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» (١) فلا يدلّ (١) على
______________________________________________________
خربة عمّرها المشتري جاهلا بالحال. فالالتزام بجواز بيع الوقف بطروء الخراب ينافي النهي عن الشراء بالنسبة إلى مورد السؤال.
وبعبارة أخرى : لو كان قوله عليهالسلام : «لا يجوز شراء الوقف» غير مسبوق بالسؤال اتّجه انصراف النهي إلى صورة وجود المنفعة فعلا ، وخروج مورد عدم انتفاع الموقوف عليهم عن إطلاق النهي. لكنّ سبق السؤال ـ وموافقة الجواب له ـ يمنع الانصراف المزبور.
وعليه فالحكم بمنع شراء الوقف إمّا مختص بمورد السؤال وهو الأرض الميتة ، وإمّا هو حكم طبيعي الوقف ، سواء أكان ذا منفعة فعلا أم مسلوب المنفعة كذلك.
قلت : نعم ، وإن كان النهي عن شراء الوقف واردا في الأرض الميتة ، إلّا أنّ المقصود الاستدلال بإطلاق النهي ، والمدّعى الانصراف عمّا إذا سقط عن قابلية الانتفاع رأسا ، وذلك لأنّ غرض الواقف بقاء الموقوفة لتكون صدقة جارية ينتفع بها الموقوف عليه أبدا ، ويمتاز الوقف عن أقسام التصدق بالدوام ، فلا بد من قابلية البقاء ليترتب عليه حكم الوقف ، والمفروض في الصورة الأولى سقوط العين عن الانتفاع.
وعليه فلا مانع من انصراف إطلاق النهي إلى ما إذا كانت المنفعة موجودة بالفعل كالأرض المشغولة بالزرع ، أو أمكن الانتفاع بها كالأرض البائرة فعلا مع إمكان الزرع فيها ، كما هو مورد السؤال. فلو لم تكن مزروعة بالفعل ولم تصلح للزرع ـ كما إذا انقطع الماء عنها ـ فهي ميتة ، ويلحقها حكمها ، هذا.
والحاصل : أنّ النهي عن شراء الوقف ليس مطلقا ، بل ما دام الانتفاع به ممكنا ، والمفروض انتفاء الثمرة رأسا ، فشمول النهي له حينئذ لا يخلو من قصور.
(١) ناقش المصنف قدسسره في دلالة مكاتبة الصفار على منع بيع الوقف ـ الساقط عن قابلية الانتفاع به ـ بوجهين :
الأوّل : أنّ قوله عليه الصلاة والسلام : «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها» ليس دليلا تعبديا على منع بيع الوقف كي يتمسّك بإطلاقه لحرمة بيعه حتى في مورد سلب المنفعة تماما ، بل هذا الحديث ـ بملاحظة سبق السؤال عن خصوصيات مأخوذة في إنشاء
__________________
(١) تقدمت مصادر الحديث وألفاظه في ص ٥١٠ ، فراجع.