الموجود به بالإتلاف ، وبين تبديله بما يبقى وينتفع به الكلّ.
______________________________________________________
والإيرواني (١) قدسسرهما ـ ليس متحصّلا من كلامه السابق ، لكون ما تقدم متمحّضا في دفع الموانع عن جواز بيع الوقف إذا خرب. مع أنّ المذكور بقوله : «والحاصل» إثبات للمقتضي لجواز البيع أو للزومه.
نعم قال المحقق الايرواني : «إلّا أن يكون غرضه التمسك بعموم أدلة المعاملات ، مثل : أوفوا ، و : أحلّ ، بدفع مزاحماتها» فتأمّل في العبارة حقّه.
وكيف كان فتوضيح ما أفاده قدسسره : أنّ المقتضي لجواز البيع ـ من جهة غرض الواقف عند عروض ما يسقطه عن الانتفاع ـ موجود ، وذلك لدوران أمر الوقف بين شقوق ثلاثة :
أوّلها : إبقاؤه معطّلا حتى يتلف بنفسه ، كعدم الانتفاع بلحم الحيوان المذبوح حتى ينتن ، وكترك الحصير الخلق حتى يتلاشى ، وهكذا.
ثانيها : الحكم بجواز انتفاع البطن الموجود به بإتلافه ، كأكل لحم الحيوان المذبوح ، وجعل الحصير والجذع البالي وقودا.
ثالثها : الحكم بجواز البيع وتبديله بما يبقى لينتفع به الكلّ ، سواء البطن الموجود والبطون المتأخرة.
أمّا الشق الأوّل فبطلانه واضح ، لأنّ تعطيل الوقف حتى يتلف تضييع للمال الذي تعلّق به حقوق ثلاثة ، وهي حقّه تبارك وتعالى ، لنهيه عن فساد المال والإسراف والتبذير. وحقّ الموقوف عليه بالانتفاع المادّي ، وحقّ الواقف بأن يثاب معنويّا.
وأمّا الثاني ـ وهو اختصاص البطن الموجود بجواز الانتفاع به وإتلافه ـ فممنوع أيضا ، لأنّه وإن كان مالكا بالفعل له ، إلّا أنّ المنشأ هو الملك الترتيبي لكافّة الطبقات ، فلها حقّ في العين ، ومن المعلوم منافاة جواز الإتلاف لذلك الحقّ. ولو جاز للبطن الموجود إتلافه لجاز بيعه وصرف ثمنه ، لاشتراك البيع والإتلاف في حرمان البطون المتأخرة من الوقف.
وأمّا الثالث ـ وهو جواز تبديله بالبيع ـ فهو المتعيّن ، لما فيه من مراعاة الحقوق الثلاثة ، لينتفع كافة البطون ، فإنّ الواقف وإن قصد حبس العين دائما ، ولذلك قد يقترن
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٧٤.