ولم يكن الثمن ممّا ينتفع به مع بقاء عينه ـ كالنقدين (*) ـ
______________________________________________________
الثاني : أنّ البطن الموجود لو طالب ـ في مدة الانتظار والتفحص عن البدل ـ شراء ما ينتفع به موقّتا بالبيع الخياري ، فهل يجب إجابته؟ أم لا يجب ، بل ينتظر وجود البدل الدائم.
الثالث : أنّ الاتّجار بالثمن جائز إن كان صلاحا لجميع البطون؟ أم يتعيّن شراء عين اخرى تكون وقفا بدلا عن المبيع.
وتوضيح الفرع الأوّل : أنّ الوقف إذا آل إلى الخراب ، فتارة يبدل بعين اخرى ذات منفعة مقصودة ، كما إذا عوّضت الدار الخربة بدار عامرة ينتفع الموقوف عليه بسكناها أو بإيجارها ، وهذا خارج عن محلّ الكلام ، وتقدّم في (ص ٦٤٣) في قوله : «فإن كان مما يمكن أن يبقى وينتفع به البطون ابقي».
واخرى يبدل ـ أي يباع ـ بالنقود من الذهب والفضة المسكوكين ، والأنواط الرائجة. وحيث إن مقصود الواقف تسبيل منفعة العين أعمّ من شخصها ونوعها ، ولا منفعة يعتدّ بها في مثل الذهب والفضة ـ لندرة مثل التزيّن ـ فإن أمكن تبديل الثمن بعين اخرى تعيّن ذلك إبقاء للوقف ، إمّا لكونه أقرب إلى غرض الواقف كما قال به جمع ، وإما لكونه أصلح بحال الموقوف عليهم كما نبّه عليه المصنف قدسسره في (ص ٦٤٤).
وإن لم يمكن شراء بدل ، لعدم وجوده فعلا ، ولكن توقّع حصوله بعد مدّة ، وجب وضع الثمن عند أمين ، ولم يجز دفعه إلى البطن الموجود ، ليتصرّف فيه على حدّ تصرفه في نفس الموقوفة ، وذلك لكون الثمن مشتركا بين جميع البطون ، لتعلق حق الطبقات اللاحقة به ، ولا سلطنة للموجودين عليه ، وإنّما كانت سلطنة الانتفاع بالمبدل ، فدفع إليهم للانتفاع به بلا مزاحم ، وكذلك لهم السلطنة على البدل. ولكن المفروض أن الثمن لا منفعة فيه ليثبت سلطنتهم عليه ، ويجب دفعه إليهم لذلك.
__________________
(*) قد يتوهم وقفية نفس النقدين بأن يتّجر بهما ، ويكون الربح للموقوف عليهم.
لكنه فاسد ، لعدم صدق حدّ الوقف ـ وهو كون الموقوف عينا ينتفع بها مع بقائها ـ عليه ، ومن المعلوم أنّ النقدين ليس كذلك ، بل يقعان في صراط الوقف.