خلافا للمحكيّ عن الوسيلة والإيضاح ، فاعتبراها (١) فيهما ، مستدلّا في الأخير (٢) «بأنّها ولاية على من لا يدفع عن نفسه
______________________________________________________
(١) يعني : فاعتبر صاحبا الوسيلة والإيضاح قدسسرهما العدالة في الأب والجدّ له.
والحاكي عنهما هو السيد العاملي قدسسره ، حيث قال ـ بعد اقتضاء كثير من العبارات عدم اعتبار العدالة ـ ما لفظه : «قلت : قد تردّد المصنف ـ أي العلّامة ـ في ذلك في وصايا الكتاب ـ أي القواعد ـ وفي الوسيلة : اشتراطها فيه. وفي الإيضاح : أنّ الأصحّ أنه لا ولاية للأب أو الجد ما دام فاسقا (١).
(٢) وهو الإيضاح ، وعبارته المحكية في مفتاح الكرامة أيضا هي ـ بعد نقل وجهي المسألة ـ : «والأصح عندي أنّه لا ولاية له ما دام فاسقا» (٢).
ومحصل استدلاله هو : أنّ الولاية على الصغير عبارة عن إصلاح أموره بالدفاع عن نفسه والتصرف في أمواله ، إذ لا يتمكن الصغير على شيء من ذلك. فلا بدّ من كون المتصدي لتلك الأمور أمينا قادرا على إنفاذها بالنحو اللّائق الموافق للصواب ، لاستحالة تولية الفاسق في حكمته تعالى شأنه.
وبعبارة اخرى : أنّ الصغير مسلوب العبارة ومحجور عن التصرف في أمواله ، ولا يستطيع دفع الضرر عن نفسه. وهذا القصور يستدعي جعل من يتصدّى لإصلاح أمره ، بأن يكون أمينا وثقة ، حتى تمنعه أمانته عن تضييع أموال الصبي ، وتوجب قبول إخباره في تصرفاته ، ومن المعلوم أنّ الفاسق لا يقبل إخباره بشيء ، لأنه تعالى أمر بالتبين عن نبأ الفاسق. وعليه فلا بد من كون الولي ـ سواء أكان هو الأب أم الجد أم غيرهما كالوصي ـ عادلا حتى يقبل إخباره بما تصرف فيه من أموال الصبي ، هذا.
__________________
(١) مفتاح الكرامة ، ج ٥ ، ص ٢٥٧ ، إيضاح الفوائد ، ج ٢ ، ص ٦٢٨. ولم نعثر على اشتراط ولاية الأب بالعدالة في الوسيلة صريحا. نعم اعتبرها في الوصي ، كما اعتبر الوثاقة فيه على ما حكاه عنه في الإيضاح ، ثم قال ولاية التصرف في مال اليتيم : «ثم الحاكم إذا لم يكن له جدّ ولا وصي ، أو كانا غير ثقة» والمراد بالوثاقة هي الثقة في الدين كما في إمام الجماعة ، فتكون مساوقة للعدالة. ولعلّ السيد العاملي استظهر اعتبار العدالة في الأب والجدّ من موضع آخر لم نقف عليه. فراجع الوسيلة ص ٧٤٩ و ٧٧١ من الجوامع الفقهية.
(٢) إيضاح الفوائد ، ج ٢ ، ص ٦٢٨.