نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ) (١) .
والنهي في كلتا الآيتين متوجه إلى الوالدين . ووجه الإختلاف بينهما أنّ الداعي إلى القتل في الآية الأُولى هو الفَقْرُ المُحَقَّق ، السائد في حياة الوالدين ، بدلالة قوله : ( مِّنْ إِمْلَاقٍ ) . وفي الثانية هو الفَقْر المتوقع ، بدلالة قوله : ( خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ) . فاختلفت حال الوالدين .
ففي الآية الأُولى ، الخطاب متوجه إلى الوالدين الفقيرين ، حال الخطاب ، فناسب أن يبدأ وعده بالرزق بهما ثم بأولادهما .
وهذا بخلاف الآية الثانية ، فإنّ الخطاب فيها متوجه إلى الوالدين الميسورين المرزوقين بالفعل ، ويخافان العيلة والعجز عن رزق أولادهم ولأجل ذلك كانوا يرتكبون ذلك العمل الأسود الوبيل ( قتل أولادهم ) ، فناسب أن يبدأ وعده بالرزق ، بالأولاد أوّلاً ، وبالوالدين ثانياً .
٢ ـ يقول سبحانه في عرض مشهد من مشاهد يوم القيامة وما يكون الناس عليه من فزع وكرب : ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) (٢) .
وفي سورة أُخرى ، في عرض مشهد من هذا اليوم ، يقول : ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ ) (٣) .
ففي الآيتين ألفاظ مشتركة ، مثل « بنيه » و « صاحبته » و « أخيه » . لكن قَدّم في الأولى الأخ ، فالأُم ، فالأَب ، فالصاحبة ، فالبَنين ، مبتدءً بالعزيز فالأَعزّ .
وفي الثانية عَكَس فقَدَّم البنين ، فالصاحب ، فالأَخ ، فالفصيلة ، فسائر
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٣١ .
(٢) سورة عبس : الآيات ٣٤ ـ ٣٧ .
(٣) سورة المعارج : الآيات ١١ ـ ١٤ .